للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلم يقول «ملعون من ادّعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه» ويقول:

«الولد للفراش وللعاهر الحجر (١)» فخالف حكم الله عز وجل وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم جهارا، وجعل الولد لغير الفراش، والحجر لغير العاهر (٢)، فأحلّ بهذه الدّعوة من محارم الله ومحارم رسوله فى أم حبيبة (٣) زوجة النبى صلى الله عليه وسلم وفى غيرها من سفور وجوه ما قد حرّمه الله، وأثبت بها قربى قد باعدها الله، وأباح بها ما قد حظره الله، مما لم يدخل على الإسلام خلل مثله، ولم ينل الدين تبديل شبهه، ومنه إيثاره لخلافة الله على عباده ابنه يزيد السّكّير الخمّير، صاحب الديوك والفهود والقرود، وأخذه البيعة له على خيار المسلمين بالقهر والسطوة والتوعّد والإخافة والتهدّد والرهبة، وهو يعلم سفهه، ويطّلع على خبثه ورهقه (٤)، ويعاين سكرانه (٥) وفجوره وكفره، فلما تمكن- قاتله الله- فيما مكّنه منه، ووطأه له، وعصى الله ورسوله فيه، طلب بثارات المشركين وطوائلهم (٦) عند المسلمين، فأوقع بأهل المدينة فى وقعة الحرّة (٧) الوقعة التى لم يكن فى الإسلام أشنع منها، ولا أفحش مما ارتكب من الصالحين فيها، وشفى بذلك عبد (٨) نفسه وغليله، وظن أنه قد انتقم من أولياء الله، وبلغ النّوى (٩) لأعداء الله، فقال مجاهرا بكفره، ومظهرا لشركه:

ليت أشياخى ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل

قد قتلنا القرم من ساداتهم ... وعدلنا ميل بدر فاعتدل (١٠)


(١) انظر ص ٣٧ من الجز الثانى.
(٢) وفى الطبرى «والعاهر لا يضره عهره».
(٣) هى بنت أبى سفيان، وسفرت المرأة كضرب سفورا: كشفت عن وجهها.
(٤) الرهق: السفة والحمق والخفة وركوب الشر والظلم وغشيان المحارم.
(٥) أى سكره.
(٦) الطوائل! جمع طائلة، وهى الثأر.
(٧) انظر الجزء الثانى ص ٨٩.
(٨) العبد: الغضب.
(٩) النوى. الحاجة والوجه الذى تنويه وتقصده، وفى ابن أبى الحديد «وبلغ الثأر».
(١٠) القرم: السيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>