للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعاجلة، كافرا بالآجلة، خارجا من ربقة الإسلام، مستحلّا للدم الحرام، حتى سفك فى فتنته، وعلى سبيل غوايته وضلالته، ما لا يحصى عدده من خيار المسلمين الذّابّين عن دين الله، والناصرين لحقه، مجاهدا فى عداوة الله، مجتهدا فى أن يعصى الله فلا يطاع، وتبطل أحكامه فلا تقام، ويخالف دينه فلا يدان (١)، وأن تعلو كلمة الضّلالة، وترتفع دعوة الباطل «وكلمة الله هى العليا» ودينه المنصور، وحكمه النافذ، وأمره الغالب، وكيد من عاداه وحادّه (٢) المغلوب الداحض، حتى احتمل أوزار تلك الحروب وما تبعها، وتطوّق تلك الدماء وما سفك بعدها، وسنّ سنن الفساد التى عليه إثمها وإثم من عمل بها إلى يوم القيامة، وأباح المحارم لمن ارتكبها، ومنع الحقوق أهلها، واغترّه الإملاء (٣)، واستدرجه الإمهال، والله له بالمرصاد.

ثم مما أوجب الله له به اللعنة، قتله من قتل صبرا (٤) من خيار الصحابة والتابعين، وأهل الفضل والدين، مثل عمرو بن الحمق الخزاعىّ، وحجر بن عدىّ الكندىّ (٥) فيمن قتل من أمثالهم، فى أن تكون لهم العزّة والملك والغلبة، ولله العزة والملك والقدرة، والله عزّ وجل يقول «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً» ومما استحق به اللعنة من الله ورسوله ادّعاؤه زياد بن سميّة أخاه، ونسبته إياه إلى أبيه جرأة على الله، والله يقول «ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ، هُوَ أَقْسَطُ (٦) عِنْدَ اللَّهِ» ورسول الله صلى الله عليه


بصفين- وكان من أصحاب على- وروى هذا الحديث عبد الله ابن عمرو بن العاص، قال معاوية: هم قتلوه، لأنهم أخرجوه إلى القتل، فلما بلغ ذلك عليا قال: ونحن قتلنا أيضا حمزة لأنا أخرجناه؟ - انظر العقد الفريد ٢: ٢٣٧.
(١) أى فلا يدان به.
(٢) حاده: غاضبه وعاداه وخالفه، داحض: أى باطل.
(٣) أملى له الله: أمهله، وفى ابن أبى الحديد «وغرته الآمال».
(٤) صبر الإنسان على القتل: أن يحبس ويرمى حتى يموت.
(٥) انظر خبرهما فيما قدمنا فى الجزء الثانى (ص ٤٥ وص ٦٠).
(٦) أى أعدل.

<<  <  ج: ص:  >  >>