(٢) هو عمار بن ياسر رضى الله عنه، أحد السابقين الأولين، وقد عذبه المشركون فى بدء الدعوة الإسلامية فاحتمل العذاب، وكان يعذب هو وأخوه وأبوه وأمه بالنار، فمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صبرا آل ياسر فموعدكم الجنة، اللهم اغفر لآل ياسر». (٣) روت أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم قالت: لما بى رسول الله مسجده بالمدينة أمر باللبن أن يضرب وما يحتاج إليه، ثم قام فوضع رداءه، فلما رأى ذلك المهاجرون والأنصار وضعوا أرديتهم كسيتهم يرتجزون ويقولون ويعملون: لئن قعدنا والنبى يعمل ... ذاك إذن لعمل مضلل قالت: وكان عثمان بن عفان رجلا نظيفا متنظفا، فكان يحمل اللبنة ويجافى بها عن ثوبه فإذا وضعها نفض كفيه، ونظر إلى ثوبه. فإذا أصابه شىء من التراب نفضه، فنظر إليه على رضى الله عنه فأنشد: لا يستوى من يعمر المساجدا ... يدأب فيها راكعا وساجدا وقائما طورا وطورا قاعدا ... ومن برى عن التراب حائدا فسمعها عمار بن ياسر، فجعل يرتجزها وهو لا يدرى من يعنى، فسمعه عثمان فقال: يابن سمية (وسمية أميه) ما أعرفنى بمن تعرض ومعه جريدة، فقال: لتكفن أو لأعترضن بها وجهك، فسمعه النبى وهو جالس فى ظل حائط فقال: «عمار جلدة ما بين عينى وأنفى، فمن بلغ ذلك منه فقد بلغ منى» وأشار بيده فوضعها بين عينيه، فكف الناس عن ذلك وقالوا لعمار: إن رسول قد غضب فيك، ونخاف أن ينزل فينا قرآن، فقال: أنا أرضيه كما غضب، فأقبل عليه فقال: يا رسول الله مالى ولأصحابك؟ قال: مالك ولهم؟ قال: يريدون قتلى، يحملون لبنة ويحملون على لبنتين، فأخذ به وطاف به فى المسجد، وجعل سح وجهه من التراب ويقول: «يا بن سمية، لا يقتلك أصحابى، ولكن تقتلك الفئة الباغية» فلما قتل-