للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغمار، ويعرّض مهجته فيما ينفع رعيته، والذى تجشّمته من مكاتبتنا إن كان كما وصفته، فهو أمر سهل يسير، لأمر عظيم خطير، وجلّ نفعه وصلاحه وعائدته (١) تخصّكم، لأن مذهبنا انتظار إحدى الحسنيين، فمن كان منا فى أيديكم فهو على بيّنة من ربه، وعزيمة صادقة من أمره، وبصيرة فيما هو يسبيله، وإن فى الأسارى من يؤثر مكانه من ضنك الأسر، وشدة البأساء، على نعيم الدنيا وخيرها، لحسن منقلبه، وحميد عاقبته، ويعلم أن الله تعالى قد أعاده من أن يفتنه، ولم يعذه من أن يبتليه، هذا إلى أوامر الإنجيل الذى هو إمامكم، وما توجبه عليكم عزائم سياستكم، والتوصل إلى استنقاذ أسرائكم، ولولا أن إيضاح القول فى الصواب، أولى بنا من المسامحة فى الجواب، لأضربنا عن ذلك صفحا، إذ رأينا أن نفس السبب الذى من أجله سما إلى مكاتبة الخلفاء عليهم السلام من كاتبهم، أو عدا عنهم إلى من حلّ محلّنا فى دولتهم بل إلى من نزل عن مرتبتنا، هو أنه لم يثق من منعه، ورد ملتمسه ممن جاوره، فرأى أن يقصد به الخلفاء الذين الشّرف كلّه فى إجابتهم، ولا عار على أحد وإن جلّ قدره فى ردّهم، ومن وثق فى نفسه ممن جاوره، وجد قصده أسهل السبيلين عليه، وأدناهما إلى إرادته، حسب ما تقدّم لها من تقدّم، وكذلك كاتب من حلّ محلّك من قصر عن محلّنا، ولم يقرب من منزلتنا، فممالكنا عدّة، كان يتقلّد فى سالف الدهر كلّ مملكة منها ملك عظيم الشأن.

فمنها ملك مصر الذى أطغى فرعون، على خطر أمره، حتى ادّعى الإلهيّة، وافتخر على نبىّ الله موسى بذلك.

ومنها ممالك اليمن التى كانت للتبابعة، والأفيال العباهلة (٢)، ملوك حمير، على عظم شأنهم، وكثرة عددهم.


(١) العائدة. المنفعة.
(٢) العباهلة: الذين أقروا على ملكهم فلم يزالوا عنه (بالبناء للمجهول) انظر الجزء الأول ص ٦٠

<<  <  ج: ص:  >  >>