للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغرب، وصحارى العرب على بعد أطرافها، وتنازح (١) أقطارها، وكثرة سكانها فى حاضرتها وباديتها، وعظمها فى وفودها وشدّتها، وصدق بأسها ونجدتها، وكبر أحلامها (٢) وبعد مرامها، وانعقاد النصر من عند الله براياتها، وأن الله تعالى أباد خضراء (٣) كسرى، وشرّد قيصر عن داره ومحلّ عزّه ومجده بطائفة منها.

هذا إلى ما تعلمه من أعمالنا، وتحت أمرنا ونهينا ثلاثة كراسىّ من أعظم كراسيّكم: بيت المقدس، وأنطاكية، والإسكندرية، مع ما إلينا من البحر وجزائره، واستظهارنا بأتمّ العتاد (٤)، وإذا وفّيت النظر حقّه، علمت أن الله تعالى قد أصفانا (٥) بجلّ الممالك التى ينتفع الأنام بها، وبشرف الأرض المخصوصة بالشرف كلّه دنيا وآخرة، وتحقّقت أن منزلتنا بما وهبه الله لنا من ذلك فوق كل منزلة، والحمد لله ولىّ كل نعمة.

وسياستنا لهذه الممالك قريبها وبعيدها، على عظمها وسعتها، بفضل الله علينا، وإحسانه إلينا، ومعونته لنا، وتوفيقه إيانا كما كتبت إلينا، وصحّ عندك من حسن السيرة، وبما يؤلف بين قلوب سائر الطّبقات من الأولياء والرعية، ويجمعهم على الطاعة واجتماع الكلمة، ويوسعها الأمن والدّعة فى المعيشة، ويكسبها المودة والمحبة.

والحمد لله رب العالمين أوّلا وآخرا، على نعمه التى تفوت عندنا عدد العادّين، وإحصاء المجتهدين، ونشر الناشرين، وقول القائلين، وشكر الشاكرين، وثسأله أن يجعلنا ممن تحدّث بنعمته عليه شكرا لها، ونشرا لما منحه الله منها، ومن


(١) أى تباعد، وهو تفاعل من نزحت الدار كمنع وضرب: أى بعدت.
(٢) الأحلام: العقول، جمع حلم بالكسر.
(٣) الخضراء: سواد القوم ومعظمهم، وفى حديث الفتح «أبيدت خضراء قريش» أى دهماؤهم وسوادهم.
(٤) استظهر به: استعان، والعتاد: العدة.
(٥) أصفاه بكذا: آثره به.

<<  <  ج: ص:  >  >>