للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لو عدلت لم يشغبوا، ولو وفيت لم ينتهبوا».

وشكا إليه رجل من بعض عماله، فوقّع فى قصته إلى العامل:

«اكفنى أمره، وإلّا كفيته أمرك».

وكتب سوّار (١) بن عبد الله القاضى إليه: «إن عندنا رجلا شديد الترفّض (٢) يدعى السيد الحميرىّ (٣)» فوقع فى كتابه:

«إنا بعثناك قاضيا لا ساعيا».

ووقع فى كتاب بليغ استماحه (٤):

«إن البلاغة والغنى إذا اجتمعا فى رجل أطغياه وقد رزقت إحداهما، فاكتف بها، واقتصر عليها».

وكتب إليه عبد الله بن زياد بن الحارث رقعة بليغة يستمنحه فيها، فكتب عليها:

«إن الغنى والبلاغة إذا اجتمعا فى بلد أبطراه، وأمير المؤمنين مشفق عليك، فاكتف بالبلاغة (٥)».


(١) ولاه المنصور قضاء البصرة منذ سنة ١٣٨ وتوفى سنة ١٥٧ - انظر تاريخ الطبرى ج ٩:
١٧١ حوادث سنة ١٣٨ وما بعدها.
(٢) أى القول بالرفض، والرافضة: فرقة من الشيعة، وكان زيد بن على قد بايعه على إمامته خمسة عشر ألف رجل من أهل الكوفة، وخرج بهم على والى العراق يوسف بن عمر الثقفى عامل هشام بن عبد الملك على العراقين، فلما استحر القتال بينه وبين يوسف، قالوا له: إنا ننصرك على أعدائك بعد أن تخبرنا برأيك فى أبى بكر وعمر اللذين ظلما جدك على بن أبى طالب. فقال زيد: إنى لا أقول فيهما إلا خيرا وما سمعت أبى يقول فيهما إلا خيرا، وإنما خرجت على بنى أمية الذين قتلوا جدى الحسين، وأغاروا على على المدينة يوم الحرة، ثم رموا بيت الله بحجر المنجنيق والنار. ففارقوه عند ذلك، حتى قال لهم:
رفضتمونى، ومن يومئذ سموا رافضة- انظر الفرق بين الفرق ص ٢٥، ومقدمة ابن خلدون ص ٢١٩.
(٣) كان السيد الحميرى من شيعة محمد بن الحنفية، وكان يعتقد أن ابن الحنفية لم يمت، وأنه فى جبل رضوى (جبل بالحجاز) بين أسد ونمر يحفظانه، وعنده عينان نضاختان تجريان بماء وعسل، ويعود بعد الغيبة فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، انظر الملل والنحل ١: ١٥٥.
(٤) استماحه: سأله العطاء.
(٥) كان المنصور يرمى بالبخل، وكان يلقب أبا الدوانق (والدانق بكسر النون وفتحها والداناق:
سدس الدرهم) لقب بذلك لأنه لما بنى بغداد كان ينظر فى العمارة بنفسه، فيحاسب الصناع والأجراء، فيقول لهذا: أنت نمت القائلة، ولهذا: أنت لم تبكر إلى عملك، ولهذا: أنت انصرفت لم تكمل اليوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>