ونور ألوانهم، وسرورهم بالنعيم المقيم، والنظر إليه، والمكانة منه، لتقلّل فى عينك عظيم ما طلبت به صغير ما عند الله، ولصغر فى عينك جسيم ما طلبت به صغير ذلك من الدنيا، فاحذر على نفسك حذرا غير تغرير، وبادر بنفسك قبل أن تسبق إليها، وما تخاف الحسرة منه عند نزول الموت، وخاصم نفسك على مهل، وأنت تقدر بإذن الله على جرّ المنفعة إليها، وصرف الحجّة عنها، قبل أن يتولى الله حسابها، ثم لا تقدر على صرف المكروه عنها.
واجعل من نفسك لنفسك نصيبا بالليل والنهار، وصلّ من النهار اثنتى عشرة ركعة، واقرأ فيهن ما أحببت، إن شئت فصلّهن جميعا، وإن شئت متفرقات، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال:«من صلّى من النهار اثنتى عشرة ركعة بنى الله له بيتا فى الجنة»، وصلّ من الليل ثمانى ركعات بجزء من القرآن، وأعط كلّ ركعة حقّها والذى ينبغى فيها من تمام الركوع والسجود، وصلّهن مثنى مثنى، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلى من الليل ثمانى ركعات، والوتر ثلاث ركعات، سوى ذلك، يسلّم من كل اثنتين، وصم ثلاثة أيام من كل شهر: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ذلك صيام الدهر».
وأعط زكاة مالك طيبة بها نفسك، حين يحول عليها الحول، ولا تؤخّرها بعد حلّها (١)، وضعها فيمن أمر الله تعالى، ولا تضعها إلا فى أهل ملّتك من المسلمين، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إن الله تعالى لم يرض من الصّدقة بحكم نبى ولا غيره حتى حدّها هو على ثمانية أجزاء»، قال عزّ وجل:«إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ» واحجج حجة الإسلام من أطيب مالك، وأزكاه عندك، فإن الله تعالى