للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرفه الكيّس والأحمق. الوحشة ذهاب الأعلام (١). البطر عند الرخاء حمق، والعجز عند البلاء أفن (٢). لا تغضبوا من اليسير فرّبما جنى الكثير. لا تجيبوا فيما لم تسألوا عنه، ولا تضحكوا مما لا يضحك منه. حيلة من لا حيلة له الصّبر، كونوا جميعا فإن الجمع غالب، تثبّتوا ولا تسارعوا فإنّ أحزم الفريقين الرّكين. ربّ عجلة تهب ريثا (٣). ادّرعوا الليل واتّخذوه جملا، فإن الليل أخفى للويل، ولا جماعة لمن اختلف.

تناءوا فى الديار ولا تباغضوا، فإنه من يجتمع يتقعقع (٤) عمده. ألزموا النساء المهابة (٥)، نعم لهو الغرّة المغزل. إن تعش تر ما لم تره، قد أقرّ صامت، المكثار كحاطب (٦) ليل، من أكثر أسقط (٧). لا تجعلوا سرّا إلى أمة. لا تفرّقوا فى القبائل، فإن الغريب بكل مكان مظلوم. عاقدوا الثّروة (٨)، وإياكم والوشائظ (٩)، فإن مع القلة الذّلّة، لو سئلت العاريّة قالت: أبغى لأهلى ذلّا. الرسول مبلّغ غير ملوم. من فسدت بطانته غصّ بالماء. أساء سمعا فأساء جابة (١٠)، الدّالّ على الخير كفاعله. إن المسألة من أضعف المسكنة، قد تجوع الحرّة ولا تأكل بثدييها (١١)، لم يجر سالك القصد،


(١) الأعلام جمع علم بالتحريك، وهو سيد القوم.
(٢) الأفن: ضعف الرأى والعقل.
وفى الأصل: «أمن»: وهو تحريف.
(٣) الركين: الرزين. والريث: الإبطاء.
(٤) تقعقع: اضطرب وتحرك. وفى الأصل: «غنده» بدل «عمده»، وهو تحريف، وهذا مثل معناه: لا بد من الافتراق بعد الاجتماع. أو معناه: إذا اجتمع القوم وتقاربوا وقع بينهم الشر فتفرقوا، أو من غبط بكثرة العدد واتساق الأمر فهو بمعرض الزوال والانتشار.
(٥) أى أن يهبنكم ويوقرنكم وفى الأصل: «المهانة» وهو تصحيف. والغرة: الشريفة.
(٦) الحاطب: الذى يجمع الحطب، وهو حاطب ليل: أى مخلط فى كلامه.
(٧) أسقط كلمة، وأسقط فى كلمة: أخطأ.
(٨) عاقدوا: حالفوا. والثروة: كثرة العدد من الناس.
(٩) يقال: هم وشيظة فى قومهم:
أى حشوفيهم.
(١٠) جابة أى بمعنى إجابة: اسم وضع موضع المصدر ومثلها الطاعة والطاقة والغارة والعارة قال المفضل: أول من قال ذلك سهيل بن عمرو، وكان تزوج صفية بنت أبى جهل بن أبى هشام، فولدت له أنس بن سهيل، فخرج معه ذات يوم، فوقف بحزورة مكة (والحزورة كقسورة: الرابية الصغيرة).
فأقبل الأخنس بن شريق الثقفى. فقال، من هذا؟ قال سهيل ابنى. قال الأخنس: حياك الله يافتى! قال لا، والله ما أمى فى البيث، انطلقت إلى أم حنظلة تطحن دقيقا. فقال أبوه: «أساء سمعا فأساء جابة»:
فأرسلها مثلا.
(١١) أى لا تعيش بسبب ثدييها وبما يغلان عليها من أجرة الإرضاع. يضرب فى صيانة الرجل نفسه عن خسيس المكاسب. وذكروا أن أول من قاله الحارث بن سليل الأسدى، وكان شيخا كبيرا، وكان-

<<  <  ج: ص:  >  >>