للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهل إلى منهل، قد وجّهت سدافته (١)، وتركت عهّيداه (٢)، إنّ بعين الله مهواك (٣)، وعلى رسوله تردين، وأقسم لو سرت مسيرك هذا ثم قيل لى:

يا أمّ سلمة: ادخلى الفردوس، لاستحييت أن ألقى محمدا صلى الله عليه وسلم هاتكة حجابا قد ضربه علىّ.

اجعلى بيتك حصنك، ووقاعة (٤) السّتر قبرك، حتى تلقيه وأنت على تلك، أطوع ما تكونين لله إذا لزمته، وأنصر ما تكونين للدين ما حللت فيه، ولو ذكّرتك فولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرفينه، لهشت به نهش الرّقشاء المطرقة (٥)، والسلام».

(شرح ابن أبى الحديد ٢: ٧٩، والعقد الفريد ٢: ٢٢٧، والإمامة والسياسة ١: ٤٥)


(١) السدافة الحجاب والستر، من أسدف الليل إذا أرخى ستوره وأظلم، وأسدفت المرأه القناع، أى أرسلته، وسدفته أيضا ويروى بفتح السين، ويروى سجافته بكسر السين وفتحها أيضا، والسدفة والسجافة بمعنى، وتوجيهها: كشفها» فمعنى وجهت سدافته: أى هتكتها وكشفتها وأخذت وجهها، وقيل معناه: أزلت السدافة عن مكانها الذى أمرت أن تلزميه، وقيل معناه: أخذت وجها هتكت سترك فيه، وذكر صاحب اللسان هذه المعانى فى مادة «سجف» و «سدف» و «وجه» ونقل ابن أبى الحديد فى شرحه: «ووجهت سدافته» أى نظمتها بالخرز، والوجيهة: خرزة معروفة، وعادة العرب أن تنظم على المحمل خرزات إذا كان للنساء.
(٢) العهيدى بالتشديد والقصرى فعيلى من العهد، كالجهيدى من الجهد، والعجيلى من العجلة.
(٣) أى أن الله يرى سيرك وحركتك والهوى كمضى: الانحدار فى السير من النجد إلى الغور، والإسراع فى السير.
(٤) الوقاعة بالكسر: موضع وقوع طرف الستر على الأرض إذا أرسل، وهى موقعه وموقعته، ويروى بفتح الواو أى ساحة الستر، وأنت على تلك الحال فحذف، والضمير فى «لزمنه» راجع إلى «بيتك» وفى العقد الفريد «فاجعليه سترك، وقاعة البيت حصنك، فإنك أنصح ما تكونين لهذه الأمة ما قعدت عن نصرتهم» وفى الإمامة والسياسة: «فاجعلى حجابك الذى ضرب عليك حصنك، فابغيه منزلا لك حتى تلقيه، فإن أطوع ما تكونين إذا مالزمته وأنصح ما تكونين إذ ما قعدت فيه».
(٥) وفى الإمامة والسياسة: «ولو ذكرتك كلاما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم لنهشتنى نهش الحية «وفى العقد الفريد» ولو أنى حدثتك بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لنهشت نهش الرقشاء المطرقة، والمعنى: لعضك ونهشك ما أذكره لك وأذكرك به، كما تنهشك أفعى رقشاء. والحية الرقشاء: هى المنقطة بسواد وبياض؛ والأفعى توصف بالإطراق، قال الشاعر:
فأطرق إطراق الشجاع ولو رأى ... مساغا لناباه الشجاع لصمما
(والشجاع: الحية)، هذا وقد أوردنا ذلك الكتاب والذى يليه فى عداد الرسائل، وفاقا لما ورد فى العقد الفريد، والإمامة والسياسة، ولإحدى روايتى ابن أبى الحديد، وفى الأخرى قال: وقد ذكر-

<<  <  ج: ص:  >  >>