للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنصر، ومكّن له فى البلاد، وأظهره على أهل العداوة والشّنآن (١) من قومه الذين وثبوا عليه، وشنفوا له (٢)، وأظهروا تكذيبه، ونابذوه بالعداوة، وظاهروا على إخراجه وإخراج أصحابه وأهله، وألبوا عليه العرب، وحزّبوا الأحزاب (٣)، وجهدوا فى أمره كل الجهد، وقلبوا له الأمور، حتى جاء الحقّ وظهر أمر الله وهم كارهون، وكان أشدّ الناس عليه تأليبا وتحريضا أسرته، والأدنى فالأدنى من قومه إلّا من عصم الله.

وذكرت أن الله تعالى اجتبى له من المسلمين أعوانا أيّده بهم، فكانوا فى منازلهم عنده على قدر فضائلهم فى الإسلام، فكان أفضلهم (زعمت) فى الإسلام، وأنصحهم لله ولرسوله، الخليفة وخليفة الخليفة من بعده، ولعمرى إن كان مكانهما فى الإسلام لعظيما، وإن المصاب بهما لجرح فى الإسلام شديد، فرحمهما الله وجزاهما أحسن ما عملا، وذكرت أن عثمان كان فى الفضل تاليا، فإن يك عثمان محسنا فسيقى ربّا شكورا يضاعف له الحسنات، ويجزيه الثواب العظيم، وإن يك مسيئا فسيقى ربّا غفورا لا يتعاظمه (٤) ذنب أن يغفره.

ولعمرى إنى لأرجو إذا أعطى الله الناس على قدر فضائلهم فى الإسلام، ونصيحتهم لله ولرسوله، أن يكون سهمنا فى ذلك- أهل البيت- أوفر نصيب، إن محمدا صلى الله عليه وآله لمّا دعا إلى الإيمان بالله والتوحيد له، كنا أهل البيت أول من آمن به وصدّقه فيما جاء، فبتنا أحوالا كاملة محرّمة تامة، وما يعبد الله فى ربع (٥) ساكن من العرب غيرنا.


(١) الشنآن: البغض والكراهية.
(٢) شنف له كفرح: أبغضه وتنكره، ونابذوه:
جاهروه، وفى ابن أبى الحديد «وبارزوه» وظاهره: أعانه.
(٣) يعرض بمعاوية فقد كان أبوه رئيس الأحزاب فى غزوة الأحزاب «غزوة الخندق» كما تقده
(٤) تعاظمه: عظم عليه.
(٥) الربع: المنزل.

<<  <  ج: ص:  >  >>