هو أميركم، فأمّا أميرنا فلا، فقال له الأحنف: لا تمح اسم إمارة المؤمنين، فإنى أتخوف إن محوتها أن لا ترجع إليك أبدا، لا تمحها وإن قتل الناس بعضهم بعضا، فأبى ذلك علىّ مليّا من النهار، ثم إن الأشعث بن قيس قال: امح هذا الاسم، فأجاب علىّ ومحاه، ثم قال علىّ: الله أكبر! سنّة بسنّة، ومثل بمثل، والله إنى لكاتب بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، فكتب محمد رسول الله فقالوا: لست برسول الله ولا نشهد لك به، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فأمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمحوه، فقلت: لا أستطيع أفعل! فقال: إذن أرنيه، فأريته فمحاه بيده وقال: إنك ستدعى إلى مثلها فتجيب، ثم كتب الكتاب.
*** «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تقاضى عليه علىّ بن أبى طالب ومعاوية ابن أبى سفيان، قاضى علىّ على أهل العراق ومن كان معه من شيعته من المؤمنين والمسلمين، وقاضى معاوية على أهل الشأم ومن كان معه من شيعته من المؤمنين والمسلمين، إنا ننزل عند حكم الله عزّ وجل وكتابه، ولا يجمع بيننا غيره، وإن كتاب الله عزّ وجل بيننا من فاتحته إلى خاتمته، نحيى ما أحيا، ونميت ما أمات، فما وجد الحكمان فى كتاب الله عز وجل- وهما أبو موسى الأشعرىّ عبد الله بن قيس، وعمرو بن العاص القرشىّ- عملا به، وما لم يجدا فى كتاب الله عز وجل، فالسّنّة العادلة الجامعة غير المفرّقة، وأخذ الحكمان من علىّ ومعاوية، ومن الجندين من العهود والميثاق والثّقة من الناس أنهما آمنان على أنفسهما وأهلهما، والأمة لهما أنصار على الذى يتقاضيان عليه.
وعلى المؤمنين والمسلمين من الطائفتين كلتيهما عهد الله وميثاقه، أنا على ما فى هذه الصحيفة، وأن قد وجبت قضيّتهما على المؤمنين، فإن الأمن والاستقامة، ووضع السلاح بينهم أينما ساروا على أنفسهم وأهليهم وأموالهم وشاهدهم وغائبهم.