للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله يجزى المحسنين، ويعذّب المجرمين، وأمره أن يدعو من قبله إلى الطاعة والجماعة فإن لهم فى ذلك من العاقبة وعظيم المثوبة ما لا يقدرون قدره، ولا يعرفون كنهه، وأمره أن يجبى خراج الأرض على ما كانت تجبى عليه من قبل، لا ينتقص منه ولا يبتدع فيه، ثم يقسمه بين أهله على ما كانوا يقسمون عليه من قبل، وأن يلين لهم جناحه، وأن يواسى بينهم فى مجلسه ووجهه، وليكن القريب والبعيد عنده فى الحق سواء، وأمره أن يحكم بين الناس بالحقّ، وأن يقوم بالقسط، ولا يتّبع الهوى. ولا يخف فى الله عزّ وجل لومة لائم، فإن الله جلّ ثناؤه مع من اتّقاه وآثر طاعته وأمره على ما سواه».

وكتب عبد الله بن أبى رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم لغرّة شهر رمضان سنة ٣٦ هـ».

(تاريخ الطبرى ٥: ٢٣١، وشرح ابن أبى الحديد م ٢: ص ٢٥)

صورة أخرى

وروى الشريف الرّضىّ فى نهج البلاغة قال:

ومن عهده عليه السلام إلى محمد بن أبى بكر حين قلّده مصر:

«فاخفض لهم جناحك، وألن لهم جانبك، وابسط لهم وجهك، وآس بينهم (١) فى اللّحظة والنّظرة، حتى لا يطمع العظماء فى حيفك لهم (٢)، ولا ييأس الضّعفاء من عدلك عليهم، فإن الله تعالى يسائلكم معشر عباده عن الصغيرة من أعمالكم والكبيرة والظاهرة والمستورة، فإن يعذّب فأنتم أظلم (٣)، وإن يعف فهو أكرم.

واعلموا عباد الله أنّ المتقين ذهبوا بعاجل الدنيا وآجل الآخرة، فشاركوا أهل الدنيا فى دنياهم، ولم يشاركهم أهل الدنيا فى آخرتهم، سكنوا الدنيا بأفضل


(١) آس بينهم: أى سو بينهم، وتقديره: اجعل بعضهم أسوة بعض.
(٢) أى فى جورك لأجلهم.
(٣) أفعل هنا بمعنى الصفة، أى فأنتم الظالمون.

<<  <  ج: ص:  >  >>