للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن تركت ذكر مساوئه من قادتهم مثل من ذكرت منهم، بل هو شرّ وأضرّ، وهؤلاء الذين ذكرت لو ولوا عليكم لأظهروا فيكم الكبر، والفخر، والفجور، والتسلط بجبرية (١)، والتطاول بالغضب، والفساد فى الأرض، ولا تبعوا الهوى وما حكموا بالرشاد، ولأنتم على ما فيكم من تخاذل وتواكل خير منهم وأهدى سبيلا، فيكم الحكماء، والعلماء والفقهاء والنجباء، وحملة القرآن، والمتهجّدون بالأسحار، والعبّاد، والزّهّاد فى الدنيا، وعمّار المساجد بتلاوة القرآن، أفلا تسخطون وتنقمون (٢) أن ينازعكم الولاية عليكم سفهاؤكم والأشرار الأراذل منكم؟

فاسمعوا قولى إذا قلت، وأطيعوا أمرى إذا أمرت، واعرفوا نصيحتى إذا نصحت، واعتقدوا حزمى إذا حزمت، والتزموا عزمى إذا عزمت، وانهضوا لنهوضى، وقارعوا من قارعت، فو الله لئن أطعتمونى لا تغوون: ولئن عصيتمونى لا ترشدون، ولا تجتمعون خذوا للحرب أهبتها، وأعدّوا لها عدّتها، فإنها قد شبّت نارها، وعلا سناها (٣) وتجرّد لكم فيها الفاسقون، كى يعذّبوا عباد الله، ويطفئوا نور الله.

عباد الله: ألا إنه ليس أولياء الشيطان من أهل الطمع والمكر والجفاء، بأولى فى الجدّ فى غيّهم وضلالهم وباطلهم، من أهل النزاهة والبر، والحق والإخبات (٤)، بالجدّ فى حقهم، وطاعة ربهم، ومناصحة إمامهم.

إنى والله لو لقيتهم وحيدا منفردا، وهم ملء الأرض ما باليت بهم ولا استوحشت منهم، وإنى من ضلالهم الذى هم فيه، والهدى الذى نحن عليه، لعلى ثقة وبيّنة، ويقين وبصيرة من ربى، وإنى إلى لقاء ربى لمشتاق، ولحسن ثوابه لمنتظر راج، ولكن أسفا يعترينى، وحزنا يخامرنى، أن يلى أمر هذه الأمة سفهاؤها وفجارها، فيتخذوا مال الله دولا، وعباد الله خولا، والصالحين حربا، والقاسطين حزبا.


(١) وفى الإمامة والسياسة «بالجبروت» وهما واحد.
(٢) وفى ابن أبى الحديد «وتهتمون»
(٣) السنا: الضوء الساطع.
(٤) أخبت: خشع وتواضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>