للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأخشى الله فى ترك ذلك منك ومن حزبك القاسطين (١)، المحلّين (٢)، حزب الظالم، وأعوان الشيطان الرجيم، ألست قاتل حجر وأصحابه العابدين المخبتين (٣)، الذين كانوا يستفظعون البدع، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فقتلتهم ظلما


(١) قسط كضرب قسطا بالفتح وقسوطا، فهو قاسط: جار وعدل عن الحق قال تعالى:
«وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً» وقسط كضرب ونصر قسطا بالكسر فهو قاسط، وأقسط إقساطا فهو مقسط: عدل، قال تعالى: «وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» وقال «وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ» أى ذوات القسط- والقسط من المصادر الموصوف بها كالعدل يستوى فيه الواحد والجمع- وقد تبين مما تقدم أن العدل فيه لغتان قسط وأقسط، وأن الجور فيه لغة واحدة، قسط بغير ألف.
(٢) قال صاحب القاموس «ورجل محل: منتهك للحرام، أو لا يرى للشهر الحرام حرمة، وجاء فى اللسان «ويقال: المحل الذى يحل لنا قتاله، والمحرم: الذى يحرم علينا قتاله، ويقال: المحل: الذى لا عهد له ولا حرمة، والمحرم الذى له حرمة» وقد قدمنا فى الجزء الأول ص ٤٠٣ أن الإمام عليا كرم الله وجهه كتب كتابا إلى مخنف بن سليم جاء فيه «لعلك تلقى معناه هذا العدو المحل» وكتابا إلى أخيه عقيل جاء فيه «فإن رأيى قتال المحلين» وأن ابن أبى الحديد فسره (م ٤: ص ٥٧) قال: «أى الخارجين من الميثاق والبيعة يعنى البغاة ومخالفى الإمام، ويقال لكل من خرج من إسلام، أو حارب فى الحرم، أو فى الأشهر الحرم، محل، وعلى هذا فسر قول زهير:
«وكم بالفتان من محل ومحرم» أى من لا ذمة له ومن له ذمة، وكذلك قول خالد بن يزيد بن معاوية فى زوجته رملة بنت الزبير بن العوام:
ألا من لقلب معنى غزل ... بحب المحلة أخت المحل
أى ناقضة العهد أخت المحارب فى الحرم، أو أخت ناقض بيعة بنى أمية» وقال المبرد فى الكامل أيضا (ج ٢: ص ١٦٨) «وكان عبد الله بن الزبير يدعى المحل لإحلاله القتال فى الحرم، وفى ذلك يقول رجل فى رملة بنت الزبير ... الخ» وكذا فى العقد الفريد (ج ٢: ص ٢٦٨).
وكان العلويون والخوارج يصفون الأمويين «بالمحلين» كما ترى فى كتاب الحسين عليه السلام، وكما ورد فى كلام سليمان بن صرد لأصحابه: «وإن تستشهدوا فإنما قاتلتم المحلين، وما عند الله خير للأبرار والصديقين» انظر تاريخ الطبرى ٧: ٦٨ - وقال الصلت بن مرة شاعر الخوارج. لما كثر بينهم الخلاف وخلعوا قظرى بن الفجاءة وولوا عبد ربه الصغير:
قل للمحلين قد قرت عيونكم ... بفرقة القوم والبغضاء والهرب
كنا أناسا على دين فغيرنا ... طول الجدال وخلط الجد باللعب
(انظر الكامل للمبرد ٢: ٢٢٧)
(٣) أخبت: خشع وتواضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>