للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنقابها (١) الرجال بالسلاح، وأدخلوا ماشيتهم، وما يحتاجون لحصارهم سنة فيما يقولون، وأنّا أعذرنا إليهم وأخبرناهم بعهد أمير المؤمنين، وما بذل لهم فأبوا، ففرّقت أصحابى على أفواه الخنادق، فولّيت الحصين بن نمير ناحية ذناب، وما والاها عليها الوالى، ووجّهت حبيش بن دلجة إلى ناحية بنى سلمة، ووجهت عبد الله بن مسعدة إلى ناحية بقيع الغرقد، وكنت ومن معى من قوّاد أمير المؤمنين ورجاله فى وجوه بنى حارثة، فأدخلنا الخيل عليهم حين ارتفع النهار من ناحية عبد الأشهل، بطريق فتحه لنا رجل منهم (٢)، مما دعاه إليه مروان بن الحكم إلى صنيع أمير المؤمنين، وقد تضمّن (٣) له عنه من قرب المكان، وجزيل العطاء، وإيجاب الحقّ، وقضاء الذّمام (٤)، وقد بعث به أمير المؤمنين، وأرجو من الله عزّ وجل أن يلهم خليفته وعبده عرفان ما أولى من الصّنع، وأسدى من الفضل، وكان- أكرم الله أمير المؤمنين- من محمود مقام مروان بن الحكم، وجميل مشهده، وشديد بأسه، وعظيم نكايته لعدو أمير المؤمنين، مالا إخال ذلك ضائعا عند إمام المسلمين، وخليفة رب العالمين، إن شاء الله.

وسلّم الله رجال أمير المؤمنين، فلم يصب أحد منهم بمكروه، ولم يقم لهم عدوهم ساعة من ساعات نهارهم، فما صلّيت الظهر- أصلح الله أمير المؤمنين- إلا فى مسجدهم بعد القتل الذريع (٥)، والانتهاب العظيم، وأوقعنا بهم السيوف، وقتلنا من أشرف لنا منهم، واتّبعنا مدبرهم، وأجهزنا على جريحهم، وانتهبناها ثلاثا كما قال


(١) جمع نقب: وهو الثقب والثغر.
(٢) وذلك أن مروان جاء بنى حارثة فكلم رجلا منهم ورغبه فى الصنيعة، وقال افتح لنا طريقا فأنا أكتب بذلك إلى أمير المؤمنين ومتضمن لك عنه شطر ما كان بذل لأهل المدينة من العطاء وتضعيفه، ففتح له طريقا ورغب فيما بذل له فاقتحمت الخيل.
(٣) أى التزمه وضمنه.
(٤) العهد.
(٥) السريع.

<<  <  ج: ص:  >  >>