للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومضوا إلى اليمامة (١)، وكتب نجدة وهو باليمامة إلى نافع:

«بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد: فإنّ عهدى بك وأنت لليتيم كالأب الرّحيم، وللضعيف كالأخ البرّ، لا تأخذك فى الله لومة لائم، ولا ترى معونة ظالم، كذلك كنت أنت وأصحابك، أما تذكر قولك: «لولا أنّى أعلم أنّ للإمام العادل مثل أجر جميع رعيّته، ما تولّيت أمر رجلين من المسلمين»، فلما شريت (٢) نفسك فى طاعة ربك ابتغاء رضوانه، وأصبت من الحق فصّه (٣)، وركبت مرّه، تجرّد لك الشيطان، ولم يكن أحد أثقل عليه وطأة منك ومن أصحابك، فاستمالك واستهواك، واستغواك وأغواك، فغويت (٤) فأكفرت الذين عذرهم الله فى كتابه من


- على خلافهم «يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ» فنفر جماعة من الخوارج عنه منهم نجدة بن عامر واحتج عليه بقول الله عز وجل: «إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً» وبقوله عز وجل «وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ» فالعقد منا، والجهاد إذا أمكن أفضل، لقوله عز وجل: «وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً» ثم مضى نجدة بأصحابه إلى اليمامة.
(١) من بلاد نجد.
(٢) أى بعت، ويسمى الخوارج أنفسهم «الشراة» جمع شار كقاص وقضاة من شرى يشرى كرمى: بمعنى باع، لقولهم شرينا أنفسنا فى طاعة الله: أى بعناها ووهبناها، أخذا من قوله تعالى:
«وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ» أو من شرى بمعنى اشترى لقولهم: شرينا الآخرة بالدنيا أى اشتريناها. قال عمران بن حطان:
إنى أدين بما دان الشراه به ... يوم النخيلة عند الجوسق الخرب
«والجوسق كجعفر: القصر» يشير إلى قيام المستورد الخارجى بالنخيلة بعد وقعة النهروان. وقال الطرماح بن حكيم:
لله در الشراة إنهم ... إذا الكرى مال بالطلا أرقوا
«والطلا: الأعناق أو أصولها جمع طلية أو طلاة، وكلها بانضم» وقال أيضا:
والنار لم ينج من روعاتها أحد ... إلا المنيب بقلب المخلص الشارى
وقال معاذ بن جوين:
ألا أيها الشارون قد حان لامرئ ... شرى نفسه لله أن يترحلا
(٣) فص الأمر: مفصله.
(٤) غوى بالفتح غيا وغوى بالكسر غواية.

<<  <  ج: ص:  >  >>