للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قعد (١) المسلمين وضعفتهم، فقال جل ثناؤه، وقوله الحق، ووعده الصّدق: «لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ» ثم سمّاهم أحسن الأسماء، فقال: «ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ (٢)».

ثم استحللت قتل الأطفال، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلهم، وقال الله عزّ ذكره: «وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى» * (٣) وقال سبحانه فى القعد خيرا، وفضّل الله من جاهد عليهم، ولا تدفع منزلة أكثر الناس عملا منزلة من هو دونه (٤)، أو ما سمعت قوله عز وجل: «لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ (٥)» فجعلهم الله من المؤمنين، وفضل عليهم المجاهدين بأعمالهم.

ورأيت ألّا تؤدّى الأمانة إلى من خالفك، والله يأمر أن تؤدّى الأمانات إلى أهلها (٦)، فاتّق الله وانظر لنفسك، واتّق يوما لا يجزى والد عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا فإن الله عز ذكره بالمرصاد، وحكمه العدل، وقوله الفصل، والسلام».

(الكامل للمبرد ٢: ١٧٧، وشرح ابن أبى الحديد م ١ ص ٣٨٢، والعقد الفريد ١: ٢١٤)


(١) القعد: اسم جمع قاعد كخدم وخادم، ويروى القعدة وهو جمع قاعد ككتبة وكاتب، ورجل ضعيف وضعوف وضعفان والجمع ضعاف وضعفاء وضعفة (بالتحريك) وضعفى (كقتلى) وضعا فى بالفتح.
(٢) أى ليس عليهم جناح ولا إلى معاتبتهم سبيل، وإنما وضع المحسنين موضع الضمير للدلالة على أنهم منخرطون فى سلك المحسنين غير معاتبين لذلك.
(٣) وزر يزر كوعد: أثم، والوزر: الإثم، أى ولا تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى.
(٤) وفى رواية ابن أبى الحديد: «فتفضيله المجاهدين على القاعدين لا يرفع منزلة من هو دون المجاهدين» والعقد الفريد: «ولا يرفع أكثر الناس عملا منزلة عمن هو دونه إلا إذا اشتركا فى أصل».
(٥) أى من عمى أو زمانة أو غيرها، وتمام الآية: «وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ (أى لضرر) دَرَجَةً، وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ (أى لغير ضرر) أَجْراً عَظِيماً».
(٦) قال تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها».

<<  <  ج: ص:  >  >>