(سنة ٩٠ هـ) ففزع الحجاج وذهب وهمه أنهم ذهبوا قبل خراسان، وكان يقول:
إنى لأظنه يحدّث نفسه بمثل الذى صنع ابن الأشعث، وكتب إلى الوليد: يخبره بهربهم وأنه لا يراهم أرادوا إلا خراسان، وبعث البريد إلى قتيبة بن مسلم يحذّره قدومهم، ويأمره أن يستعدّ لهم، وبعث إلى أمراء الثغور والكور أن يرصدوهم ويستعدوا لهم.
ومضى يزيد وإخوته حتى قدموا الشام، فلاذوا بسليمان بن عبد الملك متعوّذين به فأجارهم، فكتب الحجاج إلى الوليد:
«إن آل المهلّب خانوا مال الله، وهربوا منى، ولحقوا بسليمان بن عبد الملك أخى أمير المؤمنين، وولىّ عهد المسلمين، وإن أمير المؤمنين أعلى رأيا».
فلما بلغ الوليد مكانه عند سليمان، هوّن عليه بعض ما كان فى نفسه، وطار غضبا للمال الذى ذهب به، وكتب إلى أخيه سليمان بذلك.
فكتب سليمان إلى الوليد:
«إن يزيد بن المهلّب عندى، وقد آمنته، وإنما عليه ثلاثة آلاف ألف، كان الحجاج أغرمهم ستة آلاف ألف، فأدّوا ثلاثة آلاف ألف، وبقى ثلاثة آلاف ألف، فهى علىّ.
أو كتب إليه:
«يا أمير المؤمنين: إنى ما أجرت يزيد بن المهلّب إلا لأنه هو وأبوه وإخوته من صنائعنا قديما وحديثا، ولم أجر عدوا لأمير المؤمنين، وقد كان الحجاج قصده وعذّبه وغرّمه أربعة آلاف ألف درهم ظلما، ثم طالبه بثلاثة آلاف ألف درهم، وقد سار إلىّ واستجار بى فأجرته، وأنا أغرم عنه هذه ثلاثة آلاف ألف الدرهم، فإن رأى أمير المؤمنين
- فثبت نصلها فى ساقه فهو لا يمسها شىء إلا صاح، فإن حركت أدنى شىء سمعت صوته، فأمر أن يعذب ويدهق ساقه (أى تغمز شديدا) فلما فعل ذلك به صاح، وأخته هند بنت المهلب عند الحجاج، فلما سمعت صياح يزيد صاحت وناحت فطلقها.