للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألّا يخزينى فى ضيفى فليفعل، فإنه أهل الفضل والكرم».

فكتب إليه الوليد:

«لا والله، لا أومنه حتى تبعث به إلىّ فى وثاق (١)».

فكتب إليه سليمان:

«ولئن أنا بعثت به إليك لأجيئنّ معه، فأنشدك الله (٢) أن لا تفضحنى ولا تخفرنى (٣)».

فكتب إليه الوليد: والله لئن جئتنى لا أومنه».

فقال يزيد: ابعثنى إليه، فو الله ما أحب أن أوقع بينك وبينه عداوة وحربا، ابعث إليه بى وأرسل معى ابنك، واكتب إليه بألطف ما قدرت عليه.

فأحضر سليمان ابنه أيوب فقيّده ودعا يزيد بن المهلّب فقيّده، ثم شد قيد هذا إلى قيد هذا بسلسلة وغلّهما جميعا بغلّين، وأرسلهما إلى أخيه الوليد، فدخلا عليه، فلما رأى الوليد ابن أخيه فى سلسلة أطرق استحياء، وقال: لقد أسأنا إلى أبى أيوب إذ بلغنا به هذا المبلغ، ودفع الغلام كتاب أبيه إلى عمه، وقال: يا أمير المؤمنين، نفسى فداؤك، لا تخفر ذمة أبى وأنت أحقّ من منعها، ولا تقطع منا رجاء من رجا السلامة فى جوارنا لمكاننا منك، ولا تذلّ من رجا العز فى الانقطاع إلينا لعزّنا بك». وكان فى الكتاب:

«لعبد الله الوليد أمير المؤمنين من سليمان بن عبد الملك، أما بعد: يا أمير المؤمنين، فو الله إن كنت لأظنّ- لو استجار بى عدو قد نابذك (٤) وجاهدك فأنزلته وأجرته- أنك لا تذلّ جارى ولا تخفر جوارى، بل لم أجر إلا سامعا مطيعا حسن البلاء والأثر فى الإسلام هو وأبوه وأهل بيته، وقد بعثت به إليك، فإن كنت إنما


(١) الوثاق بالفتح ويكسر: ما يشد به.
(٢) أى أسألك بالله.
(٣) أخفره وخفر به كضرب: نقض عهده.
(٤) نابذه: خالفه وعصاه، ونابذه الحرب كاشفه إياها وجاهره بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>