للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تغزو (١) قطيعتى، والإخفار لذمتى، والإبلاغ فى مساءتى، فقد قدرت إن أنت فعلت، وأنا أعيذك بالله من احتراد (٢) قطيعتى، وانتهاك حرمتى، وترك برّى وصلتى، فو الله يا أمير المؤمنين ما تدرى ما بقائى وبقاؤك، ولا متى يفرّق الموت بينى وبينك، فإن استطاع أمير المؤمنين- أدام الله سروره- أن لا يأتى علينا أجل الوفاة إلا وهو لى واصل، ولحقّى مؤدّ، وعن مساءتى نازع (٣)، فليفعل، والله يا أمير المؤمنين ما أصبحت بشىء من أمر الدنيا- بعد تقوى الله فيها- بأسرّ منى برضاك وسرورك، وإن رضاك مما ألتمس به رضوان الله، فإن كنت يا أمير المؤمنين تريد يوما من الدهر مسرّتى وصلتى وكرامتى وإعظام حقى، فتجاوز لى عن يزيد، وكلّ ما طلبته به فهو علىّ».

أو كتب إليه. «أما بعد، يا أمير المؤمنين فقد وجّهت إليك يزيد وابن أخيك أيوب بن سليمان، ولقد هممت أن أكون ثالثهما، فإن هممت يا أمير المؤمنين بقتل يزيد فبالله عليك ابدأ بأيوب من قبله، ثم اجعل يزيد ثانيا واجعلنى إذا شئت ثالثا، والسلام».

فلما قرأ كتابه قال: لقد شققنا (٤) على سليمان، ثم دعا ابن أخيه فأدناه منه، وتكلم يزيد، فقال: يا أمير المؤمنين، إن بلاءكم عندنا أحسن البلاء، فمن ينس ذلك فلسنا ناسيه، ومن يكفر فلسنا كافريه، وقد كان من بلائنا أهل البيت فى طاعتكم، والطعن فى أعين أعدائكم، فى المواطن العظام فى المشارق والمغارب، ما إنّ المنّة علينا فيها عظيمة». فقال له: اجلس فجلس، فآمنه وكف عنه، ورجع إلى سليمان، وسعى إخوته فى المال الذى عليه.


(١) تقصد.
(٢) الاحتراد افتعال من الحرد (بالفتح) وهو القصد، حرد كضرب: قصد- ولم تذكر كتب اللغة المزيد- وفى وفيات الأعيان «اختيار».
(٣) أى كاف.
(٤) شق عليه: أوقعه فى المشقة، وفى قوله تعالى: (وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>