للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نذيرا، وأن الجنة والنار مخلوقتان حقّا، خلق الجنة رحمة لمن أطاعه، والنار عذابا لمن عصاه، وأوجب العفو جودا وكرما لمن عفا عنه، وأنّ سليمان مقرّ على نفسه بما يعلم الله من ذنوبه، وبما تعلمه نفسه من معصية ربه، موجبا على نفسه استحقاق ما خلق من النقمة، راجيا لنفسه ما خلق من الرحمة، ووعد من العفو والمغفرة، وأن المقادير كلّها خبرها وشرّها من الله (١). وأنه هو الهادى، لم يستطع أحد لمن خلق الله لرحمته غواية، ولا لمن خلق لعذابه هداية، وأن الفتنة فى القبور بالسؤال عن دينه ونبيه الذى أرسل إلى أمّته، لا منجى لمن خرج من الدنيا إلى الآخرة من هذه المسألة إلا لمن استثناه عز وجل فى علمه. وسليمان يسأل الله الكريم بواسع فضله، وعظيم منّه، الثبات على الحق عند تلك المسألة، والنجاة من هول تلك الفتنة (٢)، وأنّ الميزان حق يقين، يضع الموازين القسط (٣) ليوم القيامة، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفّت موازينه فأولئك هم الخاسرون، وأنّ حوض محمد صلى الله عليه وسلم يوم المحشر والموقف للعرض حق، وأن عدد آنيته (٤) كنجوم السماء، من شرب منه لم يظمأ أبدا، وسليمان يسأل الله بواسع رحمته أن لا يردّه عن حوض نبيه عطشان، وأن أبا بكر وعمر خير هذه الأمة بعد نبينا صلى الله عليه وسلم، والله يعلم بعدهما حيث الخير وفيمن الخير من هذه الأمة، وأن هذه الشهادة كلّها المذكورة فى عهده هذا، يعلمها الله من سرّه وإعلانه وعقد ضميره، وأنه بها عبد ربّه فى سالف أيامه وماضى عمره، وعليها أتاه يقين ربه، وتوفّاه أجله، وعليها يبعث بعد الموت إن شاء الله، وأن سليمان كانت له بين هذه الشهادة


(١) وفى صبح الأعشى: «وأن المقادير كلها خيرها وشرها مقدورة بإرادته، مكونة بتكوينه، وأنه الهادى، فلا مغوى ولا مضل لمن هداه وخلقه لرحمته، وأنه يفتن الميت فى قبره ... ».
(٢) وفى صبح الأعشى: «الثبات على ما أسر وأعلن من معرفة حقه وحق نبيه عند مسألة رسله والنجاة من هول فتنة فتانيه، ويشهد أن الميزان يوم القيامة حق يقين، يزن سيئات المسيئين، وحسنات المحسنين، ليرى عبادة من عظيم قدرته ما أراده من الخير لعباده بما لم يكونوا يحتسبون، وأن من ثقلت موازينه ... ».
(٣) القسط: العدل، مصدر وصف به للمبالغة.
(٤) الآنية والأوانى: جمع إناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>