للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونصبه دعة، وكلفه (١) فائدة، وعمله مقصّرا، وسعيه مفرّطا، واجتهاده مضيعا، عدل (٢) الولد فى برّه، والوالد فى شفقته، والأخ فى نصرته، والجار فى حفظه، والذّخر فى ملكه، فأين المعدل عن مثله؟ أو كيف الإصابة لشبهه؟

أو أنّى عوض من فقده؟ جمعنا الله وإياك على طاعته، وألفّنا بمحابّه، وجعل أخوّتنا فى ذاته.

قد حددت لك أى أخى الإخاء متشعّبا، ووصفته لك مخلصا (٣)، وانتهيت بك إلى غاية أهل العقل منه، وما تواصل أهل الرأى عليه، ودعا إليه الإخاء من نفسه، منتطقا (٤) به، ضامنا له ما فرط فى ذلك تقصير من أهله، وداخله تضييع من حملته، أو حاطه إحكام، وكنفه حفاظ من رعاته.

وافانى كتابك بما سألت من ذلك، وعقلى محصور، ورأيى منقسم، وذهنى فيما يتأهّب به الأمير لقتال عدوّ الله (٥) من خزر التّرك، واختلاف رسله إلى جبال اللّان والطّبران وما والاهما، بنوافذ أمره، ومخارج رأيه، فأنا مصيخ (٦) السمع


(١) كلف لأمر كفرح كلفا وتكلفه: تجشمه على مشقة، والكلفة بالضم: ما تكلفت من أمر
(٢) العدل بالفتح والكسر والعديل: المثل والنظير.
(٣) أى خالصا من الدنس.
(٤) انتطق بالنطاق: شده فى وسطه، وكنفه: حفظه وصانه.
(٥) فى الأصل «يتأهب به الأمير ... والله من خزر الترك ... الخ» وقد تممته بما ترى كما يقتضيه سياق الكلام، والأمير المعنىّ هنا هو مروان بن محمد وكان هشام بن عبد الملك ولاه أرمينية وأذربيجان سنة ١١٤ هـ (انظر تاريخ الطبرى ٨: ٢١٧) واستمر واليا عليها إلى أن تقلد الخلافة، وكان عبد الحميد متصلا بمروان قبل استخلافه منقطعا إليه كما قدمنا فى ترجمته، والخزر: اسم جيل من الترك كانوا يسكنون على السواحل الشمالية والغربية من بحر الخزر (بحر طبرستان، وهو بحر قزوين)، واللان: بلاد واسعة فى طرف أرمينية قرب باب الأبواب مجاورون للخزر (وباب الأبواب: مدينة على الشاطئ الغربى لبحر الخزر) والطبران: جنوبى بحر الخزر، وكان هشام قد ولى أرمينية قبل مروان الجراح بن عبد الله الحكمى سنة ١١١ هـ، وفى سنة ١١٢ سار الترك من اللان فلقيهم الجراح فيمن معه من أهل الشأم وأذربيجان، فلم يتتام إليه جيشه، فاستشهد الجراح ومن كان معه- انظر تاريخ الطبرى ٨: ٢٠٥.
(٦) أصاخ له: استمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>