للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن كلّ أهوائك (١) لك عدوّ يحاول هلكتك، ويعترض غفلتك، لأنها خدع إبليس، وحبائل (٢) مكره، ومصايد مكيدته، فاحذرها مجانبا لها، وتوقّها محترسا منها، واستعذ بالله عز وجل من شرها، وجاهدها إذا تناصرت عليك، بعزم صادق لا ونية (٣) فيه، وحزم نافذ لا مثنويّة (٤) لرأيك بعد إصداره عليك، وصدق غالب لا مطمع فى تكذيبه، ومضاءة صارمة لا أناة (٥) معها، ونية صحيحة لا خلجة شكّ فيها، فإن ذلك ظهرىّ (٦) صدق لك على ردعها عنك، وقمعها دون ما تتطلّع إليه منك، وهى واقية لك سخطة ربك، داعية إليك رضا العامة عنك، ساترة عليك عيب من دونك، فازدن بها متحلّيا (٧)، وأصب بأخلاقك مواضعها الحميدة منها، وتوقّ عليها الآفة التى تقتطعك عن بلوغها وتقصّر بك دون شأوها (٨)، فإن المئونة (٩) إنما اشتدّت مستصعبة (١٠) وفدحت باهظة أهل الطّلب لأخلاق أهل الكرم، المنتحلين سموّ القدر، بجهالة مواضع ذميم الأخلاق ومحمودها، حتى فرّط أهل التقصير فى بعض أمورهم، فدخلت عليهم الآفات من جهات أمنوها، فنسبوا إلى التفريط، ورضوا بذلّ المنزل، فأقاموا به جاهلين بموضع الفضل، عمهين (١١) عن درج الشرف، ساقطين دون منزلة أهل الحجا، فحاول بلوغ غاياتها محرزا لها بسبق الطلب


(١) فى المنظوم والمنثور «كل أعدائك» وهو تحريف.
(٢) فى صبح الأعشى «وخواتل مكره» أى وخوادع، من الختل وهو الخداع.
(٣) يقال: افعل ذلك بلاونية: أى بلاتوان.
(٤) يقال: حلف فلان يمينا ليس فيها مثنوية ولا ثنيا «بالضم» ولا ثنوى «بالفتح» ولا ثنية «كبقية» أى استثناء.
(٥) أى لا تؤدة فيها، تأنى فى الأمر، تمكث ولم يعجل، والاسم منه أناة، وخلجة: اسم من تخالج فى صدرى منه شىء أى شككت فيه، وأصل الاختلاج الحركة والاضطراب.
(٦) أصل ذلك البعير الظهرى: وهو العدة للحاجة إن احتبج إليه، نسب إلى الظهر على غير قياس.
(٧) وفى المنظوم والمنثور «ملتحفا».
(٨) الشأو: الغاية، وفى المنظوم والمنثور «ساميها».
(٩) من قوله: «فإن المئونة ... » إلى قوله «أهل الحجا» ساقط من المنظوم والمنثور.
(١٠) استصعب الأمر: صار صعبا، وفدحه الأمر: أثقله، وكذا بهظه.
(١١) من العمه بالتحريك، وهو التحير والتردد.

<<  <  ج: ص:  >  >>