للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن احتواءك على ذلك، وسبقك إليه بإخلاص تقوى الله فى جميع أمورك مؤثرا بها، وإضمار طاعته منطويا عليها (١)، وإعظام ما أنعم الله به عليك شاكرا له، مرتبطا فيه للمزيد، بحسن الحياطة له، والذّبّ عنه من أن تدخلك منه سآمة ملال، أو غفلة ضياع، أو سنة تهاون، أو جهالة معرفة، فإن ذلك أحقّ ما بدئ به ونظر فيه، معتمدا عليه بالقوّة والآلة والعدّة، والانفراد به من الأصحاب والحامّة (٢)، فتمسّك به لاجئا إليه، واعتمد عليه مؤثرا له، والتجئ إلى كنفه متحيّزا إليه (٣)، فإنه أبلغ ما طلب به رضا الله، وأنجحه مسألة، وأجزله ثوابا، وأعوده نفعا (٤)، وأعمّه صلاحا، أرشدك الله لحظّك، وفهّمك سداده، وأخذ بقلبك إلى محموده.

ثم اجعل لله فى كل صباح ينعم عليك ببلوغه، ويظهر منك السلامة فى إشراقه، من نفسك نصيبا تجعله لله، شكرا على إبلاغه إياك يومك ذلك بصحة جوارح، وعافية بدن، وسبوغ (٥) نعم، وظهور كرامة، وأن تقرأ فيه من كتاب الله عز وجل جزءا تردّد رأيك فى آيه (٦)، وتزيّن (٧) لفظك بقراءته، وتحضره عقلك ناظرا فى محكمه، وتتفهّمه متفكرا فى متشابهه، فإن فى القرآن شفاء القلوب من أمراضها، وجلاء وساوس الشيطان وسفاسفه (٨)، وضياء معالم النور- تبيانا لكلّ شىء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون.

ثم تعهّد نفسك بمجاهدة هواك، فإنه مغلاق الحسنات، ومفتاح السيئات، وخصم العقل.


(١) وفى المنظوم والمنثور «واصطبار طاعته».
(٢) الحامة: خاصة الرجل من أهله وولده.
(٣) وفى المنظوم والمنثور «والتجئ إلى كنهه متحرزا به».
(٤) وفيه «وأعوده سعيا» ويقال هذا أعود: أى أنفع، والعائدة: المنفعة.
(٥) أى اتساعها.
(٦) آى جمع آية، وفى المنظوم والمنثور «فى أدبه».
(٧) وفى صبح الأعشى «وترتل» والأولى أنسب.
(٨) السفساف بالفتح: الردىء من كل شىء، وفى صبح الأعشى «وصعاصعه»، وفى هامشه: «جمع صعصع» بالفتح، وهو طائر يصيد الجنادب، شبه وسوسة الشيطان به، والرواية الأولى أظهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>