للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيك أحسن ما لم يزل يعوّده ويريه من آثار نعمة الله عليك، سامية بك إلى ذروه الشرف، متبحبجة (١) بك بسطة الكرم، لائحة بك فى أزهر معالى الأدب، مورثة لك أنفس ذخائر العزّ، والله يستخلف عليك أمير المؤمنين، ويسأل حياطتك، وأن يعصمك من زيغ الهوى، ويحضرك داعى التوفيق، معانا على الإرشاد فيه، فإنه لا يعين على الخير، ولا يوفّق له إلا هو.

اعلم أنّ للحكمة مسالك تفضى مضايق أوائلها- بمن أمّها سالكا، وركب أخطارها (٢) قاصدا إلى سعة عاقبتها، وأمن سرحها (٣)، وشرف عزها، وأنها لا تعار بسخف الخفّة، ولا تنشأ بتفريط الغفلة، ولا يتعدّى فيها بامرئ حدّه (٤)، وربما أظهرت بسطة الغى مستور العيب، وقد تلقّتك أخلاق الحكمة من كل جهة بفضلها، من غير تعب البحث فى طلبها، ولا تطاول لمنال ذروتها (٥)، بل تأثلت (٦) منها أكرم نبعاتها، واستخلصت منها أعتق (٧) جواهرها، ثم سموت (٨) إلى لباب مصاصها، وأحرزت منفس (٩) ذخائرها، فاقتعد (١٠) ما أحرزت، ونافس فيما أصبت.


(١) تبحبح: تمكن فى المقام والحلول، وتبحبح الدار: توسطها. وفى المنظوم والمنثور «ومنجحة لك بسطة الكرم».
(٢) فى المنظوم والمنثور: «وركب أخبارها».
(٣) السرح: فناء الدار.
(٤) وفى المنظوم والمنثور: «وأنها لا تعاف سخف الخفة، ولا تسى بتفريط الغفلة، ولا يتعدى فيها بأمن حد وهو تحريف».
(٥) فى المنظوم والمنثور «ولا متطاول المنال لذروتها» وفى صبح الأعشى «ولا متطاول لمناولة ذروتها» وقد ضبط «متطاول» بكسر الواو بصيغة اسم الفاعل، والأنسب أن يكون بفتح الواو على أنه مصدر ميمى، لعطفه على مصدر وهو «تعب» وربما كان الأصل «ولا تطاول» بصيغة المصدر كما أوردته.
(٦) تأثل المال: اكتسبه. والنبع: شجر تتخذ منه القسى، وتتخذ من أغصانه السهام، الواحدة نبعة. وفى المنظوم والمنثور «أكرم معانيها».
(٧) من العتق بالكسر، وهو الكرم والجمال.
(٨) فى المنظوم والمنثور «ثم شمرت»، ولباب كل شىء ولبه بالضم: خالصه، والمصاص: خالص كل شىء أيضا.
(٩) نفس الشىء بالضم فهو نفيس ونافس: رفع وصار مرغوبا فيه، وأنفس فهو منفس: صار نفيسا، وأمر منفوس فيه: أى مرغوب فيه.
(١٠) اقتعد الدابة: ركبها، والمعنى تمسك به واحرص عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>