للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفترض، وأقم به أود الدين، واستئناسك فامنع منه البذاء وسوء المثافنة (١)، وتعهّدك أمورك فحدّه أوقاتا، وقدّره ساعات لا تستفرغ قوّتك، ولا تستدعى سآمتك، وعزماتك فانف عنها عجلة الرأى ولجاجة الإقدام، وفرحاتك فاشكمها (٢) عن البطر، وقيّدها عن الزّهو، وروعاتك فحطها من دهش الرأى واستسلام الخضوع، وحذراتك فاصرفها عن الجبن، واعمد بها للحزم، ورجاءك فقيّده بخوف الفائت، وامنعه من أمن الطّلب.

هذه جوامع خلال، دخّال النقص منها واصل إلى العقل بلطائف أبنه، وتصاريف حويله (٣)، فأحكمها عارفا بها، وتقدّم فى الحفظ لها، معتزما على الأخذ بمراشدها، والانتهاء منها إلى حيث بلغت بك عظة أمير المؤمنين وأدبه إن شاء الله.

ثم لتكن بطانتك وجلساؤك فى خلواتك، ودخلاؤك فى سرّك، أهل الفقه والورع من خاصّة أهل بيتك، وعامّة قوّادك ممّن قد حنّكته السّنّ بتصاريف الأمور وخبطته فصالها بين فراسن (٤) البزّل منها، وقلّبته الأمور فى فنونها، وركب أطوارها، عارفا بمحاسن الأمور، ومواضع الرأى، وعين المشورة، مأمون النصيحة، مطوىّ الضمير على الطاعة.


(١) بذؤ الرجل ويثلث بذاء وبذاءة: سفه وأفحش فى منطقه، وثافنه: جالسه، وفى صبح الأعشى «وسوء المناقشة» نفث فلانا بالكلام: آذاه.
(٢) شكم الفرس كنصر: وضع الشكيمة فى فيه، والشكيمة من اللجام: الحديدة المعترضة فى فم الفرس، والمعنى فامنعها.
(٣) الأبن جمع أبنة بالضم: وهى العيب، والحويل والحول كشمس وعنب: الحيلة والاحتيال، وفى المنظوم والمنثور: «هذه جوامع دخال النقص ... ».
(٤) فراسن جمع فرسن كزبرج، والفرسن للبعير كالحافر للدابة، والبازل: الجمل فى تاسع سنيه (وليس بعده سن تسمى) وجمعه بزل ككتب وركع وبوازل، والبازل أيضا: الرجل الكامل فى تجربة، والفصال جمع فصيل: وهو ولد الناقة إذا فصل عن أمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>