للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بجوامعها، فانفها عن نفسك بالتحفظ منها، واملك عليها اعتيادك (١) إياها معتنيا بها، منها كثرة التنخّم والتبصّق والتنخّع والثّؤباء والتمطّى والجشاء وتحريك القدم وتنقيض الأصابع والعبث بالوجه واللحية والشارب والمخصرة وذؤابة السيف، والإيماض بالنظر والإشارة بالطّرف إلى أحد من خدمك بأمر إن أردته، والسّرار فى مجلسك، والاستعجال فى طعمك وشربك، وليكن طعمك متّدعا (٢)، وشربك أنفاسا، وجرعك مصّا، وإياك والتسرع إلى الأيمان فيما صغر أو كبر من الأمور، والشتيمة بقول:

يا هناه (٣)، أو الغميزة (٤) لأحد من خدمك وخاصّتك، بتسويغهم مقارفة الفسوق بحيث محضرك أو دارك وفناؤك، فإن ذلك كله مما يقبح ذكره، ويسوء موقع القول فيه، وتحمل عليك معايبه، وينالك شينه، وينشر عنك سوء نبئه، فاعرف ذلك متوقّيا له، واحذره مجانبا لسوء عاقبته.

استكثر من فوائد الخير، فإنها تنشر المحمدة، وتقيل العثرة، واصطبر على كظم الغيظ، فإنه يورث الراحة (٥)، ويؤمّن الساحة، وتعهّد العامّة بمعرفة دخلهم، وتبطّن (٦) أحوالهم، واستثارة دفائنهم، حتى تكون منها على مرأى العين، ويقين الخبرة، فتنعش عديمهم، وتجبر كسيرهم، وتقيم أودهم، وتعلّم جاهلهم، وتستصلح


(١) فى المنظوم والمنثور «واملك عنها اعتقادك معيبا بها بكثرة التنخم والتبزق والتنحنح والتثاؤب والجشاء والتمطى وتنقيض الأصابع وتحريكها والعبث باللحية والشارب ... الخ» وتنخم: دفع بشىء من صدره أو أنفه، وبصق وبسق وبزق واحد، والبصاق والبساق والبزاق كذلك، وتنخع: رمى نخامته- والنخامة والنخاعة بالضم: ما يخرج من الصدر أو من الخيشوم، والثؤباء: التثاؤب، قال مصحح القاموس:
ونقل صاحب المبرز عن ابن مسحل «أنه يقال ثوباء بالضم فالسكون، نقله الفهرى وغيره، وهو غريب» والجشاء: اسم من التجشؤ وهو تنفس المعدة، وفى كتب اللغة: أنقض أصابعه: ضرب بها لتصوت، أقول:
ونقض المضعف كأنقض المهموز، والمخصرة: عصا صغيرة يشير بها الملك إذا خاطب، وذؤابة السيف:
علاقة قائمة، وأومض: سارق النظر وأشار إشارة خفية، والسرار: المسارة، وطعمه كسمعه طعما وطعاما.
(٢) وفى المنظوم والمنثور «مبتدعا» وهو تحريف.
(٣) فى صبح الأعشى «يقول: يا بن الهناة» وفى المنظوم والمنثور «بابن الهيبة».
(٤) معناها هنا الإطماع، يقال فى هذا الأمر غميزة ومغمز: أى مطمع (أو مطعن أيضا).
(٥) فى المنظوم والمنثور «يورث العز».
(٦) فيه «وينظر أحوالهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>