للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك أمر أرزاقهم أن يوقّت لهم أمير المؤمنين فيها وقتا يعرفونه، فى كل ثلاثة أشهر، أو أربعة، أو ما بداله، وأن يعلم عامّتهم العذر الذى فى ذلك من إقامة ديوانهم، وجمل (١) أسمائهم، ويعلموا الوقت الذى يأخذون فيه، فينقطع الاستبطاء والشكوى، فإن الكلمة الواحدة تخرج من أحدهم فى ذلك، أهل أن تستعظم، وإنّ باب ذلك جدير أن يحسم، مع أن أمير المؤمنين قد علم كثرة أرزاقهم، وكثرة المال الذى يخرج لهم، وأن هذا الخراج إن لم يكن رائجا لغلاء السّعر، فإنه لابدّ من الكساد والكسر، وأن لكل شىء درّة وغزارة، وإنما درور خراج العراق بارتفاع الأسعار، وإنما يحتاج الجند اليوم إلى ما يحتاجون إليه من كثرة الرزق، لغلاء السعر، فمن حسن التقدير إن شاء الله أن لا يدخل على الأرض ضرر، ولا بيت المال نقصان من قبل الرحمن، إلا دخل ذلك عليهم فى أرزاقهم مع أنه ليس عليهم فى ذلك نقصان، لأنهم يشترون بالقليل مثل ما كانوا يشترون بالكثير، فأقول: لو أن أمير المؤمنين خلّى (٢) شيئا من الرزق، فجعل بعضه طعاما، وجعل بعضه علفا، وأعطوه بأعيانه، فإن قوّمت لهم قيمة، فخرج ما خرج على حسابه (٣) قيمة الطعام والعلف، لم يكن فى أزاقهم لذلك نقصان عاجل يستنكرونه، وكان ذلك قوة لهم فى نزالهم عند الحمل على العدو (٤)، وإنصاف بيت المال من أنفسهم فيما يستبطئون مع أنه إن زاد السعر أخذوا بحصّتهم من فضل ذلك.

ومن جماع الأمر وقوامه بإذن الله أن لا يخفى على أمير المؤمنين شىء من أخبارهم وحالاتهم وباطن أمرهم بخراسان والعسكر والأطراف، وأن يحتقر فى ذلك النّفقة،


(١) الجمل: الجمع.
(٢) فى الأصل «ما خلا» والمعنى عليه غير مستقيم، وأرى أن صوابه «خلى» بمعنى انتقص واقتطع
(٣) الحسابة: الحساب، مصدر حسبه كنصر: أى عده.
(٤) فى الأصل «وكان ذلك .... نزالهم لحمل العدو».

<<  <  ج: ص:  >  >>