للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرهم من سروات (١) قريش، ويخرج له من المعونة على نحو ذلك، لم يضعه بهذا الموضع رعاية رحم، ولا فقه فى دين، ولا بلاء فى مجاهدة عدوّ معروفة ماضية متتابعة قديمة، ولا غناء حديث، ولا حاجة إليه فى شىء من الأشياء، ولا عدّة يستعدّ بها، وليس بفارس ولا خطيب ولا علّامة، إلا أنه خدم كاتبا أو حاجبا، فأخبر أن الدين لا يقوم إلا به، حتى كتب كيف شاء، ودخل حيث شاء.

وأما المظلمة التى دخلت فى ذلك فعظيمة، قد خصّت قريشا وعمّت كثيرا من الناس، وأدخلت على الأحساب والمروءات محنة شديدة وضياعا كثيرا، فإن فى إذن الخليفة، والمدخل عليه والمجلس عنده، وما يجرى على صحايته من الرزق والمعونة، وتفضيل بعضهم على بعض فى ذلك، حكما عظيما على (٢) الناس فى أنسابهم وأخطارهم وبلاء أهل البلاء منهم، وليس ذلك كخواصّ المعروف ولطيف المنازل، أو الأعمال التى يختص بها المولى من أحبّ، ولكنه باب من القضاء جسيم عامّ يقضى فيه للماضين من أهل السّوابق والمآثر من أهل الباقين، وأهل البلاء والغناء بالعدل أو بما يحال فيه عليهم، فإن أحقّ المظالم بتعجيل الرفع والتغيير، ما كان ضرّه عائبا، وكان للسلطان شائنا، ثم لم يكن فى رفعه مؤنة، ولا شغب، ولا توغير لصدور (٣)، عامّة، ولا للقوة والإضرار (٤) سبب.

ولصحابة أمير المؤمنين- أكرمه الله- مزيّة وفضل، وهى مكرمة سنيّة حريّة أن تكون شرفا لأهلها، وحسبا لأعقابهم، حقيقة أن تصان وتحظر، ولا يكون فيها إلا رجل بدر (٥) بخصلة من الخصال، أو (٦) رجل له عند أمير المؤمنين خاصّة بقرابة أو بلاء، أو رجل يكون شرفه ورأيه وعمله أهلا لمجلس أمير المؤمنين وحديثه


(١) سروات جمع سراة بالفتح، وسراة: اسم جمع سرىّ كغنى، وصف من السرو بالفتح: وهو المروءة فى شرف.
(٢) فى الأصل «على أن الناس» وكلمة «أن» لا لزوم لها فى الجملة، والظاهر أنها وقعت سهوا.
(٣) فى الأصل «بصدور» وهو تحريف.
(٤) وفيه «ولا إضرار» وهو تحريف.
(٥) بدر إليه: عجل وسبق.
(٦) فى الأصل «ومن رجل» وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>