للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومشورته، أو صاحب نجدة يعرف بها ويستعدّ لها، يجمع نجدته حسبا وعفافا، فيرفع من الجند إلى الصّحابة أو رجل فقيه مصلح يوضع بين أظهر الناس لينتفعوا بصلاحه وفقهه، أو رجل شريف لا يفسد نفسه أو غيرها، فأمّا من يتوسّل بالشّفاعات فإنه يكتفي أو يكتفى له بالمعروف والبر فيما لا يهجّن رأيا، ولا يزيل أمرا عن مرتبته، ثم تكون تلك الصحابة المخلصة على منازلها، ومداخلها، لا يكون للكاتب فيها أمر فى رفع رزق ولا وضعه، ولا للحاجب فى تقديم إذن ولا تأخيره.

ومما يذكر به أمير المؤمنين، أمر فتيان أهل بيته وبنى أبيه وبنى علىّ وبنى العباس، فإن فيهم رجالا لو متّعوا بجسام الأمور والأعمال سدّوا وجوها، وكانوا عدّة لأخرى.

ومما يذكّر به أمير المؤمنين، أمر الأرض والخراج، فإن أجسم ذلك وأعظمه خطرا، وأشدّه مؤنة وأقربه من الضّياع، ما بين سهله وجبله، ليس لها تفسير على الرساتيق (١) والقرى، فليس للعمّال أمر ينتهون إليه، ولا يحاسبون عليه، ويحول بينهم وبين الحكم على أهل الأرض بعد ما يتأنّقون لها فى العمارة، ويرجون لها فضل ما تعمل أيديهم، فسيرة العمال فيهم إحدى ثنتين: إما رجل أخذ بالخرق (٢) والعنف من حيث وجد، وتتبّع الرجال والرساتيق بالمغالاة ممن وجد، وإما رجل صاحب مساحة، يستخرج ممن زرع، ويترك من لم يزرع، فيعمر من عمر (٣)، ويسلم من أخرب، مع أن أصول الوظائف (٤) على الكور لم يكن لها ثبت (٥)، ولا علم، وليس من كورة إلا وقد غيّرت وظيفتها مرارا، فخفيت وظائف بعضها، وبقيت وظائف بعض، فلو أن أمير المؤمنين أعمل رأيه فى التوظيف على الرّساتيق والقرى والأرضين


(١) الرساتيق: جمع رستاق بالضم، ويستعمل فى الناحية التى هى طرف الإقليم، معرب.
(٢) الخرق بالضم وبالتحريك: ضد الرفق، وألا يحسن الرجل العمل والتصرف فى الأمور. والحمق.
(٣) يعمر هنا معناه: يدفع، أى يعمر خزانة الدولة من عمر الأرض.
(٤) أى المقدرات.
(٥) شىء ثبت: ثابت، أى ليس لها قانون ثابت يجرى فيها على مقتضاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>