للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأزمان، فليس على واليكم ذنب، وإلّا يكن شرّ الأزمان، فليس لكم حمد ذلك، غير أنا بحمد الله قد أصبحنا نرجو لأنفسنا الصلاح بصلاح إمامنا، ولا نخاف عليه الفساد بفسادنا، وقد رأينا حظّه من الله عز وجل فى التثبّت والعصمة، فلم يبرح الله يزيده خيرا، ويزيد به رعيته مذ ولّاه، فعندنا من هذا وثائق من عبر وبيّنات، ويحتسب من الله عز وجل أن لا يزال إمامنا يسارع فى مرضاة ربه، بالاستصلاح لرعيته، والصبر على ما يستنكر منهم، وقلة المؤاخذة لهم بذنوبهم، حتى يقلب الله له بصلاحه قلوبهم ويفتح له أسماعهم وأبصارهم، فيجمع ألفتهم، ويقوّم أودهم، ويلزمهم مراشد أمورهم، وتتم نعمة الله على أمير المؤمنين، بأن يصلح له وعلى يديه، فيكونوا رعيّة خير راع، ويكون راعى خير رعية، إن شاء الله وبه الثقة.

والذى أصبحنا نحمد من أمير المؤمنين كثير، أنا ذكر ما تيسّر منه، وإلى هذا سيق الحديث، وهو [قيامه على] رعاية العهد وجحد الجحدة، وفيه استبطئ المستبطئون، وليم المليمون (١)، فإن المستبطئين فى التقصير لأكثر من المستبطئين فى لإنكار، فإنا قلّما نلقى من أهل العقل والمعاينة منكرا لنعمة الله بأمير المؤمنين على المسلمين إذا ذكّر ذلك ووقف عليه، وقلّما نلقى إلا مقصّرا من ناطق أو صامت، ولم تصبحوا معاتبين على ما جهلتم من حق أمير المؤمنين وفضله فى سير الأمور حين أقبلت، فإن الأمر فى مستقبله مما يستبهم على ذوى العقول، وتشتد فيه حيرتهم، لما يشتبه عندهم ببعض ما يتذكرون مما مضى: من أمور لم يكن لها تمام، وأخرى تمّت فلم تحمد، ولئن كان علم وصل إلى خاصّة قوم، ما على من قصر ذلك عنه لوم (٢)، وإن كان ممن وصل ذلك إليه، فأخذه بحقه، فضّله بذلك، فإذا آلت الأمور إلى مراتبها، وحصل محصولها، وصرّحت عن محضها، لم يكن فى جهالتها


(١) ألام فهو مليم: أتى ما يلام عليه.
(٢) فى الأصل «لو مرق» وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>