للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبلها؟ ولقد ظلمها أبوك من كل وجه، فأخرجها تخاصم (١)، ومرّضها سرّا، ودفنها ليلا، فأبى الناس إلا تقديم الشيخين وتفضيلهما، ولقد جاءت السنة التى لا اختلاف فيها بين المسلمين أن الجدّ أبا الأم والخال والخالة لا يرثون.

وأما قولك: إن الله اختار لك فى الكفر، فجعل أباك أهون أهل النار عذابا، فليس فى الشر خيار، ولا من عذاب الله هيّن، ولا ينبغى لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفخر بالنار، وسترد فتعلم، وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (٢).

وأما ما فخرت به من علىّ وسابقته، فقد حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم الوفاة، فأمّر غيره (٣) بالصلاة، ثم أخذ الناس رجلا بعد رجل (٤) فلم يأخذوه ثم كان فى أصحاب الشّورى (٥) فتركوه كلّهم دفعا له عنها، ولم يروا له حقا فيها، أمّا عبد الرحمن فقدّم عليه عثمان، وقتل عثمان وهو له متّهم، وقاتله طلحة والزّبير، وأبى سعد بيعته (٦)، وأغلق دونه بابه، ثم بايع معاوية بعده.

ثمّ طلبها بكل وجه، وقاتل عليها، وتفرّق عنه أصحابه، وشكّ فيه شيعته قبل الحكومة، ثم حكّم حكمين، وأعطاهما عهده وميثاقه على الرّضا بما حكما به، فاجتمعا على خلعه.

وأفضى أمر جدّك إلى أبيك الحسن، فبايعها من معاوية بخرق ودراهم، ولحق


(١) يريد خروج فاطمة إلى أبى بكر رضى الله عنهما تطلب ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فى فدك- انظر الجزء الثانى ص ٢٨٥ - وقد هجرت فاطمة أبا بكر فلم تكلمه حتى ماتت- بعد ستة أشهر من وفاة أبيها- فدفنها على ليلا، ولم يؤذن بها أبا بكر- تاريخ الطبرى ٣: ٢٠٢.
(٢) وفى رواية الطبرى: «وزعمت أنك ابن أخف أهل النار عذابا؛ وابن خير الأشرار، وليس فى الكفر بالله صغير، ولا فى عذاب الله خفيف ولا يسير، وليس فى الشر خيار، ولا ينبغى ... الخ»
(٣) لما مرض رسول الله المرض الذى مات فيه، أذن بالصلاة، فقال: مروا أبا بكر أن يصلى بالناس- تاريخ الطبرى ٣: ١٩٥ وغيره.
(٤) أى لتولى الخلافة.
(٥) وهم: على وعثمان وطلحة والزبير وسعد بن أبى وقاص وعبد الرحمن بن عوف.
(٦) وكان سعد ممن تربص ولم يبايع عليا حين ولى الخلافة- تاريخ الطبرى ٥: ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>