للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما ظهر وتمكّن، ورجونا الغنى منه حين أيسر وأثخن (١)، والعزّ تماما على الّذى أحسن (٢)، وأن يشفى الله به صدور قوم مؤمنين (٣) ويذهب غيظ قلوبهم ركن إلى الظالمين، وأصغى إلى المداهنين، واستمع من المنافقين، وعفا عن المرجفين (٤)، وتجاوز عن المستهزئين، وخفض جناحه للمتكبّرين، وصعّر (٥) خدّه للمستضعفين، وعبس فى وجوه المقلّين، وجفا عشيرته الأقربين، وأقصى شيعته الأوّلين والآخرين، وحرم إخوانه الأقدمين، «فما تنفعهم شفاعة الشّافعين» ثم تأوّل الكتاب، فتعدّى الصواب، وقرّب الأحزاب، وآوى المتخلّفين (٦) من الأعراب، وآثر بالفىء من لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب (٧)، فأصبحت أياديه عند المؤلّفة قلوبهم، ومن كان يسرّ النفاق فيهم، ويلمزه فى الصّدقات منهم (٨)، وصنائعه عند المعذّرين من


(١) أثخنه: غلبه؛ أى حين غلب أعداءه وقهرهم.
(٢) أخذه من قوله تعالى: «ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ».
(٣) اقتبسه من قوله تعالى: «قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ».
(٤) أرجف القوم: خاضوا فى أخبار الفتن ونحوها.
(٥) صعر خده: أماله كبرا.
(٦) فى مفتاح الأفكار «وأوفى المخالفين».
(٧) اقتبسه من قوله تعالى: «وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ» ووجف البعير والفرس وجفا: عدا، وأوجفته: أعديته.
(٨) اقتبسه من قوله تعالى: «وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ» واللمز: العيب، وأصله الإشارة بالعين ونحوها، وفعله كضرب ونصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>