دخل هذا المثل عليه، وكذلك الشمس: الأصل واحد، وهى شمس، والأجزاء كثيرة:
وهى عين الشمس، وضوء الشمس، وشعاع الشمس، ودقيقها، وغليظها، وحرورها (١)، وأعلاها، وأسفلها، وأشباه ذلك.
فلئن قلت: سمّيت كل جزء من الأجزاء على حياله إنسانا، وكلّ جزء من الشمس دون أصله شمسا، ونسبت فعل الأصل إلى بعض أجزائه، وتركت أن تنسب الأصل فاعلا ببعض الأجزاء كما تقول: بسط الإنسان بيده، ومشى برجله، ونظر بعينه، ثم ضربت ذلك لله عز وجل مثلا، وجعلت الله له قياسا، فقلت: الأصل واحد، وهو الله عز وجل، والأجزاء كثيرة، وهى أب وابن وروح القدس، وكل جزء منها إله على حياله، وربّ دون غيره، لم تجد بدّا أن تلحق اليد والعين والنفس بالأب والابن وروح القدس، فتكثر آلهتك، وتحدّد ربك، وتترك قولك: إن الله ليس محدودا ولا مجزّأ ولا مبعّضا، إلا أن يكون إنما تريد مذاهب الأسماء فتقول: المعنى واحد، وهو الله عز وجل، والأسماء أب وابن وروح القدس، فإن كنت تقول هذا وكنت إنما تعبد أسماء، فما تجد بدّا من أن تعبد الأسماء كلّها، وتقول: إنها آلهة على حيالها، حتى تقول باسم: ارحمنى، وبثان: اغفرلى، فاتّقوا الله يا أهل الكتاب، فإن الله عزّ وجل ليس بأب ولا ابن ولا اسم، ولكن له الأسماء الحسنى فادعوه بها، وذروا الّذين يلحدون فى أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون.
فإن أشارت الأساقفة إلى بعض الإنسان باليد والرجل وأشباه ذلك، وقالوا:
ليس إنسانا، فقل: لا، ولكنه للإنسان، وقل: هو إنسان بكماله، وكذلك إن أشاروا إلى بعض الشمس، فقالوا: أليس هذا الشمس طالعا؟ فقل: لا، ولكنه بعضها، ولو كانت الأسماء التى تقع أبصاركم عليها، وتشير أيديكم إليها من الشمس والسماء والهواء شمسا وهواء وسماء، لكانت الشمس والهواء والسماء أكثر مما يبلغه الإحصاء، ولو