للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يضربه فيتفجّر بعيون الماء، ويحمله معه حيث شاء؟ بل أين تلك وهذه وغير هذه من الآيات من حبس يوشع الشمس (١) ثلاث ساعات! وكل ما صنع موسى وعيسى وغيرهما بإذن الله وأمره وقدره وقضائه، فاتق الله وكن من القائلين بالحق، الموحدين للرب، ولا تقل على عيسى ما لم يقل، فإنكم لا تجدونه قال لكم فى شىء من كتبكم: اعبدونى فإنى ربكم، تعالى الله عما يقول الظالمون، ويذهب إليه الجاحدون.

وإن أمير المؤمنين قد أحبّ أن ينصح لك، فى أولى داريك بك، وأهمّ شأنيك لك، فدعاك إلى الإسلام، وأمرك بالإيمان الذى به تدخل الجنة وتنجو من النار، فإن قبلت فحظّك أصبت، ونفسك أحرزت، ولك ما للمسلمين وعليك ما عليهم، وإن رددت نصيحة أمير المؤمنين فيما فيه الحظّ فى آخرتك، فإن أمير المؤمنين ينصح لك فيما فيه الصلاح فى عاجلتك: من إعطاء الجزية التى يحقن الله بها دماءكم، ويحرّم بها سباءكم، ويجعلها قواما لمعاشكم، وصلاحا لبلادكم، وتوفيرا لأموالكم، وأمنا لجنابكم، وسعة لسربكم (٢)، وبركة على فقرائكم، وغنى لأهل الحاجة والفاقة والمسكنة منكم.

ولن يذكر أمير المؤمنين فى الجزية لكم: من حلول الأمن فيكم، وعموم العافية إياكم، واستقامة البركة عليكم، وكفّ أيدى المسلمين عنكم وبسطها على الأعداء منكم، شيئا إلّا وفى قليل ما كان من أشباه ذلك أيام تلك الفدية، التى كان الله أجرى نعمتها لكم على يده، وفتح بركتها عليكم من قبله، ما يدلّكم على صدق أمير المؤمنين فيما يذكر، ويشهد له على حقه فيما يقول إن شاء الله، فقد تعلمون أن الله قد أدخل على كل طرف من أطرافكم، وصنف من أصنافكم، بتلك الفدية، أمورا عظيمة البركة، واسعة المنفعة، فى أمور غير واحدة:


(١) هو يوشع بن نون، فتى موسى عليهما السلام. روى أنه قاتل الجبارين يوم الجمعة، فللما أدبر الشمس للغروب خاف أن تغيب قبل فراغه، ويدخل السبت فلا يحل له قتالهم فيه، فدها الله تعالى، فرد له الشمس حتى فرغ من قتالهم.
(٢) السرب بالفتح: الطريق، وبالكسر: النفس.

<<  <  ج: ص:  >  >>