للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خراسان، فنظر به خيرهم، وعرفوا ما تصرّفت به أحوالهم، وظهر لهم من بيان حجّته على من نازعه فى الأمر، وشاهدوا من إبلاغه فى العذر، واستظهاره بالتأنّى والصبر، ما أزاح عنهم الشّبهة، وكشط (١) الحيرة، حتى استراثوا (٢) نهوضه بحقه، وخافوا الزّيغ على أديانهم فيما أعطوه من صفقة أيمانهم، وهو ماض على عادته، مستديم للموادعة، متلوّم (٣) على المراجعة، بالغ غاية ما وسعه من الرّخصة فى دفع الولاية التى نهنه (٤) بها الرعية، حتى ضاق عليه فى دينه ترك القيام بما أنهضه الله به من ثقلها، وقلّده من حملها، وخان المخلوع فابتغاه بالشّرّة والعزّة، فتناول أولياء الحق باغيا طاغيا، لما أراد الله من تأييدهم (٥) عليه بالبيان والحجّة التى وجب (٦) لها قلبه، وفتّ بها فى عضده (٧)، وقبل الله ما أيّدكم به (٨) من النصر والغلبة فيه التى جعلها الله للمتقين، فاجتمع لكم معشر أهل خراسان فى دولة أمير المؤمنين ثلاث خلال اختصّكم الله بفضيلتها، وسنىّ (٩) مراتبها، دون ثلاث شملتكم وغيركم:

أمّا الأولى من اللواتى خصّكم الله بهن، فما تقدّم لأسلافكم من نصرة أهل بيت [النبى] وخاتم ميراثه من آباء أمير المؤمنين. وأمّا الثانية فما آثركم الله به من نصرته فى دعوته الثانية. وأما الثالثة فما تقدّمتم به من صحة ضمائركم، ومحض (١٠) مناصحتكم.

وأما الثلاث اللواتى هن لكم ولغيركم:

فمنهن: ما أكّد الله لأمير المؤمنين فى أعناق المسلمين، من العهد الذى أخذ إصره (١١)، وألهمهم الوفاء به، والتمسّك بوثائق عصمته، عند محاولة المخلوع ما حاول


(١) أى كشف، وبابه ضرب.
(٢) استراثه: استبطأه، وفى الأصل «استزادوا» وهو تحريف.
(٣) تلوم فى الأمر: تمكث وانتظر.
(٤) نهنهه: كفه وزجره.
(٥) فى الأصل «تاديهم».
(٦) أى اضطرب وخفق.
(٧) فت فى عضده: أضعفه.
(٨) فى الأصل «وقبل ما أر .... كم به من النصر» وقد أصلحته كما ترى.
(٩) أى رفيع.
(١٠) أى خالص،
(١١) الإصر: العهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>