للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحمه وقرابته، واختياره لولاية عهده الأمير الرضىّ علىّ بن موسى- حفظه الله- حين أحمد سيرته (١)، ورضى محبّته، وعرف استقلاله (٢) بما قلّده فى هديه ودينه، ووفاءه بما أكّد الله به عليه من عهد أمير المؤمنين- أيّده الله- فى اعتيامه (٣) من آزره وآساه مما شفع رأيه، وأنفذ تدبيره حين همّ لاستصلاح ما استرعاه الله من أمور عباده، لمّا انتضى (٤) القائم بدعوته، ورئيس شريعته، الأمير ذا الرياستين- رحمه الله- فاتّخذه مكانفا ظهيرا ووزيرا دون من سواه، فاتّبع منهاج أمير المؤمنين- أيده الله- وسار بسيرته شرقا وغربا، وغورا ونجدا، موفيا بعهده، قائما بدعوته، مقتفيا لأثره وسنّته، فحسم الله به الأدواء، وقمع به الأعداء: من عتاة الأمم، وطواغيت (٥) الشّرك، وأبار (٦) على يده أهل الشقاق والنفاق، فى كل أفق وطرف، بجدّ أمير المؤمنين- أعزّه الله- وبركة سياسته ودولته، ونجح سعى من قام بنصرة من قام بحقه وأنار برهانه، حتى توفّاه الله عز وجل، حين بلغ همّته وغايته، وحمّ (٧) أجله وانقطعت مدّته، سعيدا حميدا، شهيدا فقيدا، عند إمامه- أكرمه الله- وعند الخاصّة والعامة.

وكان من إجلال أمير المؤمنين الحادث الذى نزل به، فأحيا آثاره، بوصف محاسنه فى مشاهده ومجامعه، وترّحمه عليه عند ذكره، وحفظه فى لحمته (٨) وأهل حرمته، وفيمن كان بحمد الله على طاعته ونصيحته، ما أتمّ به نعمته عندنا وعندكم معشر الشيعة، فقد أصبح أمره بكم متّصلا، وموقعه من جماعتكم [متمكّنا]، يقبضكم ما قبضه، ويبسطكم ما بسطه من لوعة المصيبة، وحسن العقبى، وقد علمتم-


(١) أحمد أمره: صار عنده محمودا.
(٢) أى نهوضه.
(٣) اعتام الشىء: اختاره.
(٤) من انتضى السيف: إذا استله، وربما كان «انتقى».
(٥) الطواغيت جمع طاغوت: وهو كل رأس ضلال.
(٦) أباره: أهلكه.
(٧) حم: قدر.
(٨) اللحمة: القرابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>