للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معشر أهل الحجا والنّهى والطاعة لله عز وجل وخليفته، وذوى الغناء (١) والبلاء فى دعوته، من أهل خراسان وغيرهم ممن حضر، ممن امتحن الله قلبه بوفاء العهد، والاستبصار فى حق أمير المؤمنين أبقاه الله، والمجاهدة دونه، والصبر على مواطن الصدق والّلأواء (٢)، والذبّ عن البيضة والحريم، والمتحمّلين للنّصب والمصائب التى انجلت حتى كأن لم تكن، وبقى أجرها على الله عز وجل، ومحمود ذكرها شائعا فى الناس- أنّ نعم الله قد جلّت ولطفت، وخصّت وعمّت، وعلت وسمقت (٣)، وتمّت ودامت، حتى قصّرنا عن موازينها، والإحاطة بأدائها، فإذا لم يكن لنا معشر إخواننا سبب إلى مكافأة بلائه بالعمل، فنحن جدراء أن نجتهد فى القول، ونطنب فى الوصف إن شاء الله جل وعز، ففد جعل ذكر النّعم من أسباب الشكر.

وقد جدّد لنا أمير المؤمنين- أيّده الله- من الحباء (٤) والكرامة وجزيل الحيطة وسنىّ الرّتبة التى قرئ بها عليكم كتابه، ما يستغرق جهدنا، ويستفرغ وسعنا، فنرغب إلى الله عزّ وجل ولىّ الرغبة، ومؤتى السّؤل والطّلبة، فى إعانتنا على تأدية ما وجب له، فيما منحنا من فوائده ونحله (٥)، ثم نسترفدكم (٦) ونستعينكم على شكره، وإمدادنا بما بلغته طاقتكم فى السعى له، فقد آدنا (٧) ثقل ما حمّلنا، وثقل ما طوّقنا، وعظمت فاقتنا إلى استعمال القوىّ من الأنفس والحامّة (٨)، والخاصّة والعامّة، فى جزاء ما جلّل (٩) أمير المؤمنين فينا من سننه، وشملنا من تالد أياديه وطارفها (١٠)، وقديمها


(١) الغناء: الكفاية.
(٢) اللأواء: الشدة.
(٣) سمق كنصر سموقا: علا وطال.
(٤) العطاء بلا من، أو عام.
(٥) النحل جمع نحلة بالكسر. وهى العطية.
(٦) استرفده استعانه.
(٧) آده الأمر يئوده: بلغ منه المجهود.
(٨) الحامة: خاصة الرجل من أهله وولده.
(٩) جلله: غطاه.
(١٠) أى من قديمها وحديثها.

<<  <  ج: ص:  >  >>