للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحديثها، وكيف يوجد إلى موازاة أمير المؤمنين سبيل ببذل جهد، أو بلوغ حشد، فإنما نقتدى بهداه، ونعشو (١) بنوره فى ديننا، وليس عجزنا عن أن نجزى حقّه (٢)، بواضع عنا مؤنة الدءوب فى التحرّى لتأديته، فإن الله عز وجل قد أخبر بفضائل الشكر ومناقبه، وجعله من أسمائه «وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ» وقد قال تعالى «ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً» وقال تعالى: «إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ» ولولا أنّ الله عزّ وجل رضيه لنفسه لأجللناه عن التسمية، إذ كان أكثر ما نستعمله ونعرفه فى مكافأة من منّ وتطوّل، ثم ثنّى بذكر فضله فى العباد، فإن الله تبارك وتعالى افتتح أول ما علّم خلقه بالحمد، وجعله بدء كتابه وخاتمة دعوة أهل جنّته، فقال عزّ وجل: «وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» وخلق الله السموات والأرض ومن برأ وذرأ فى الحياة ليبلو عباده بشكره، وأعدّ الجنة فى الآخرة لمن شكره، والنار لمن كفره، وقال الله تعالى: «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ»، وقال الله تعالى «وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»، فجعل التّقوى واقعة (٣)، والشكر مرجوّا، ليدلّ على ارتفاع رتبته، وعلوّ درجته عنده، وقال لنجيّه موسى عليه السلام: «إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ» فلم يكلّفه إلا أخذ ما أعطاه، والشكر على ما آتاه، وأخبر بعزّته فى العباد فقال تعالى: «وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ».


(١) عشا النار وإليها: رآها ليلا من بعيد فقصدها مستضيئا، كاعتشاها، وبها.
(٢) فى الأصل «وليس علينا بأنا لن نجزى حقه».
(٣) أى واجبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>