للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو جواد قريش، وهو طلحة الفيّاض، وكان فى ثوب عمر رقاع أدم، وقال (١):

«من لم يستحى من الحلال خفّت مؤنته وقلّ كبره. وقالت الحكماء: لا جديد لمن لا يلبس الخلق» وبعث زياد رجلا يرتاد له (٢) محدّثا، واشترط على الرائد أن يكون عاقلا مسدّدا، فأتاه به موافقا، فقال: أكنت ذا معرفة به؟ قال: لا ولا رأيته قبل ساعته، قال: أفناقلته (٣) الكلام، وفاتحته الأمور قبل أن توصله إلىّ؟ قال: لا، قال: فلم اخترته على جميع من رأيته؟ قال: يومنا يوم قائظ (٤)، ولم أزل أتعرّف عقول الناس بطعامهم ولباسهم فى مثل هذا اليوم، ورأيت ثياب الناس جددا، وثيابه لبسا (٥)، فظننت به الحزم (٦). وقد علمنا أن الجديد فى موضعه دون الخلق (٧)، وقد جعل الله عز وجل لكل شىء قدرا، وبوّأ له موضعا، كما جعل لكل دهر رجالا، ولكل مقام مقالا، وقد أحيا الله بالسّم، وأمات بالغذاء، وأغصّ بالماء، وقتل بالدواء، فترقيع الثوب يجمع مع الإصلاح التواضع، وخلاف ذلك يجمع مع الإسراف التكبّر، وقد زعموا أن الإصلاح أحد الكسبين، كما زعموا أن قلّة العيال أحد اليسارين،


- الصديق، ويسمى طلحة الدراهم، وطلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعى البصرى، ويسمى طلحة الطلحات، سمى بذلك لأنه كان أجودهم، وقيل: لأنه وهب فى عام واحد ألف جارية، فكانت كل جارية منهن إذا ولدت غلاما تسميه طلحة على اسم سيدها، وقيل سمى بذلك بسبب أمه، وهى صفية بنت الحرث بن طلحة بن أبى طلحة، وأخوها أيضا طلحة بن الحرث، فقد تكنفه هؤلاء الطلحات كما ترى، وقد شهد الجمل مع عائشة، ومات بسجستان سنة ٦٣، وفيه يقول عبد الله بن قيس الرقيات:
نضر الله أعظما دفنوها ... بسجستان طلحة الطلحات
انظر أسد الغابة ٣: ٥٩ وخلاصة تذهيب الكمال فى أسماء الرجال ص ١٥٢ وتاريخ الطبرى ٥: ٢٣٤، وغرر الخصائص الواضحة ص ٢٤٥، وخزانة الأدب للبغدادى ٣: ٣٩٤، ولسان العرب ٣: ٣٦٣، ومعجم البلدان ٥: ٣٩، والعقد الفريد ١: ٨٩.
(١) وفى العقد «وقال عليه الصلاة والسلام. «من لم يشبع من الحلال ... ».
(٢) يرتاد: يطلب.
(٣) المناقلة فى المنطق أن تحدثه ويحدثك.
(٤) قاظ يومنا: اشتد حره.
(٥) جمع لبيس: وهو الثوب قد أكثر لبسه فأخلق.
(٦) وفى العقد «فقال له: أكنت به ذا معرفة؟ قال: لا ولكنى رأيته فى يوم قائظ يلبس خلقا ويلبس الناس جديدا، فتفرست فيه العقل والأدب».
(٧) وفيه «وقد علمت أن الخلق فى موضعه مثل الجديد فى موضعه».

<<  <  ج: ص:  >  >>