للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المأكل، وهذا كلّه مجتمع فى مسك (١) البخيل، ومصبوب على هامة (٢) الشحيح، ومعجّل للئيم، وملازم للمنوع، ألا إنّ المنفق قد ربح المحمدة، وتمتّع بالنعمة، ولم يعطّل المقدرة (٣)، ووفّى كلّ خصلة من هذه حقّها، ووفّر عليها نصيبها، والممسك معذّب بحصر نفسه، وبالكدّ لغيره، مع لزوم الحجّة، وسقوط الهمة، والتعرّض للذم والإهانة، ومع تحكيم المرّة (٤) السوداء فى نفسه، وتسليطها على عرضه، وتمكينها من عيشه وسرور قلبه. ولقد سرى إليك عرق (٥)، ولقد دخل أعراقك جور (٦)، ولقد عمل فيها قادح (٧)، ولقد غالها غول، وما هذا المذهب من أخلاق صميم ثقيف، ولا من شيم أعرقت (٨) فيها قريش، ولقد عرض لك إقراف (٩)، ولقد أفسدتك هجنة (١٠)، ولقد قال معاوية: «من لم يكن من بنى عبد المطلب جوادا فهو دخيل (١١)، ومن لم يكن من آل الزبير شجاعا فهو لزيق (١٢)، ومن لم يكن من بنى المغيرة تيّاها فهو سنيد (١٣)». وقال سلم بن قتيبة: «إذا رأيت الثقفىّ يعزّ من غير إطعام (١٤)، ويكسب لغير إنفاق، فبهرجه (١٥) ثم بهرجه ثم بهرجه» وقال


(١) المسك: الجلد، والمراد النفس.
(٢) الهامة: الرأس، والجمع هام.
(٣) أى لم يعطل المقدرة على فعل الخير وكسب الثناء.
(٤) المرة: المزاج، والمزاج الأسود: هو المزاج المضطرب الكثير المخاوف والوساس.
(٥) أى اندس فى أعراق نفسك عرق خسيس ليس منها.
(٦) المراد بالجور هنا الابتعاد عن الطريق القويم.
(٧) القادح: أكال يقع فى الشجر والأسنان، والقادح: العفن، يقول: أصيبت هذه الأعراق والصفات بعلة قضت عليها.
(٨) صارت عريقة فى الكرم.
(٩) المقرف: من كانت أمه عربية وأبوه أعجمى، والمراد بالإقراف هنا ما يشبه الإقراف: أى كأنك لم تكن عربيا صميما.
(١٠) الهجنة: أن تكون الأم غير عربية والأب عربيا.
(١١) الدخيل: من يعيش بين القوم وليس منهم.
(١٢) من لزق بنسب قوم وليس منهم.
(١٣) السنيد: الدعى، وهو من ينتمى إلى غير أهله.
(١٤) المعنى: دون أن يعنى بإطعام الفقراء ومساعدة المحتاجين. وفى الأصل «طعام».
(١٥) بهرجه: أهمله.

<<  <  ج: ص:  >  >>