للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن أبى بردة: «لولا شباب ثقيف وسفهاؤهم، ما كان لأهل البصرة مال (١)» إن الله جواد لا يبخل، وصدوق لا يكذب، ووفىّ لا يغدر، وحليم لا يعجل، وعدل لا يظلم، وقد أمرنا بالجود، ونهانا عن البخل، وأمرنا بالصدق ونهانا عن الكذب، وأمرنا بالحلم، ونهانا عن العجلة؛ وأمرنا بالعدل، ونهانا عن الظلم، وأمرنا بالوفاء، ونهانا عن الغدر، فلم يأمرنا إلا بما اختاره لنفسه، ولم يزجرنا إلّا عمّا لم يرضه لنفسه وقد قالوا بأجمعهم إن الله أجود الأجودين، وأمجد الأمجدين، كما قالوا: أرحم الراحمين، وأحسن الخالقين، وقالوا فى التأديب لسائليهم، والتعليم لأجوادهم: لا تجاودوا (٢) الله فإن الله جل ذكره أجود وأمجد، وذكر نفسه جلّ جلاله وتقدّست أسماؤه، فقال:

ذو الفضل العظيم (٣)» وقال «ذى الطّول لا إله إلّا هو» وقال: «ذو الجلال والإكرام» وذكروا النبىّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: لم يصع درهما على درهم، ولا لبنة على لبنة، وملك جزيرة العرب فقبض الصدقات، وجبيت له الأموال ما بين غدران العراق إلى شحر عمان (٤)، إلى أقصى مخاليف (٥) اليمن، ثم توفّى وعليه دين، ودرعه مرهونة ولم يسأل حاجة قطّ فقال: لا، وكان إذا سئل أعطى، وإذا وعد أو أطمع كان وعده كالعيان (٦)، وإطماعه كالإنجاز، ومدحته الشعراء بالجود، وذكرته الخطباء بالسّماح، ولقد كان يهب للرجل الواحد الضاجعة (٧) من الشاء، والعرج (٨) من الإبل وكان أكثر ما يهب الملك من العرب مائة بعير فيقال: وهب هنيدة (٩)، وإنما


(١) أى لكثرة ما ينفقون فى البصرة ويبذلون.
(٢) أى لا تحاولوا أن تصلوا فى الجود إلى مثل جود الله.
(٣) الإفضال والإنعام.
(٤) ساحل البحرين، بين عمان وعدن.
(٥) المخلاف: الكورة، بلغة أهل اليمن.
(٦) مصدر عاين الشىء: أبصره. والمعنى: أن وعده فى الوثوق بتحققه كالشىء المشاهد.
(٧) الضاجعة: الغنم الكثيرة.
(٨) العرج بالفتح والكسر من الإبل: ما بين السبعين إلى الثمانين، وقيل: هو ما بين الثمانين إلى التسعين، وقيل مائة وحمسون وفويق ذلك، وقيل من خمسمائة إلى ألف.
(٩) هند وهنيدة: اسم للمائة من الإبل خاصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>