للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسرع منها إلى أموال البخلاء، ولا رأينا عدد من افتقر من البخلاء أقلّ، والبخيل عند الناس ليس هو الذى يبخل على نفسه فقط، فقد يستحقّ عندهم اسم البخيل، ويستوجب الذمّ، من لا يدع (١) لنفسه هوّى إلا ركبه، ولا حاجة إلا قضاها، ولا شهوة إلا ركبها، وبلغ فيها غايته، وإنما يقع عليه اسم البخيل إذا كان زاهدا فى كل ما أوجب الشكر، ونوّه بالذكر، وادّخر الأجر، وقد يعلّق البخيل على نفسه من المؤن، ويلزمها من الكلف، ويتخذ من الجوارى والخدم، ومن الدوابّ والحشم (٢)، ومن الآنية العجيبة، ومن البزّة (٣) الفاخرة، والشّارة (٤) الحسنة، ما يربى (٥) على نفقة السّخىّ المثرى، ويضعف (٦) على جود الجواد الكريم، فيذهب ماله وهو مذموم، ويتغيّر حاله وهو ملوم، وربما غلب عليه حبّ القيان (٧)، واشتهر (٨) بالخصيان، وربما أفرط فى حبّ الصيد، واستولى عليه حبّ المراكب (٩)، وربما كان إتلافه فى العرس والخرس (١٠) والوليمة، وإسرافه فى الإعذار (١١) وفى العقيقة (١٢) والوكيرة (١٣)، وربما ذهبت أمواله فى الوضائع (١٤) والودائع، وربما كان شديد


(١) فى بعض النسخ «ولا يدع».
(٢) الحشم: الخدم.
(٣) الهيئة، يقال: هو حسن البزة.
(٤) الشارة هنا: الزينة واللباس.
(٥) يقال: أربى الشىء على كذا أى زاد عليه.
(٦) ضعف يضعف من باب كرم: زاد، وفى الحديث «تضعف صلاة الجماعة على صلاه الفذ خمسا وعشرين درجة» أى تزيد عليها.
(٧) جمع قينة: وهى الأمة البيضاء، مغنية أو غير مغنية.
(٨) أى اشتهر بحيازة الخصيان، وذلك ضرب من البذخ.
(٩) جمع مركب: وهو ما يركب من الخيل ونحوها.
(١٠) الخرس بالضم والخراس بالكسر: طعام يصنع ابتهاجا بالولادة.
(١١) الإعذاز والعذار (بالكسر) والعذير والعذيرة: وليمة الختان، وطعام البناء.
(١٢) الشاة تذبح فى اليوم السابع من ولادة المولود ابتهاجا به، وأصل العقيقة: الشعر الذى يكون على رأس الصبى حين يولد، وإنما سميت تلك الشاة التى تذبح فى تلك الحال عقيقة، لأنه يحلق عنه ذلك الشعر عند الذبح.
(١٣) الطعام يتخذه الرجل ويدعو إليه عند انتهاء ما كان يبنيه.
(١٤) جمع وضيعة: وهى ما يرفعه الدائن عن المدين من الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>