للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت امرأة:

أنت وهبت الفتية السّلاهب ... وإبلا يحار فيها الحالب (١)

وغنما مثل الجراد الهارب ... متاع أيام، وكلّ ذاهب (٢)

وقال تميم بن مقبل:

فأخلف، وأتلف، إنما المال عارة ... وكله مع الدهر الذى هو آكله (٣)

وقال أبوذرّ: «لك فى مالك شريكان: الوارث والحدثان» وقال الحطيئة:

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والناس

وجاء فى الأثر: «إن أهل المعروف فى الدنيا أهل المعروف فى الآخرة» وفى المثل: «اصنع الخير ولو إلى كلب» وفى الحث (٤) على القليل- فضلا عن الكثير- قال الله جل ذكره: «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ (٥) ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ» وقالت عائشة فى حبّة عنب: «إن فيها لمثاقيل ذر» ولذلك قالوا فى المثل «من حقر حرم (٦)» وقال سلم بن قتيبة: «يستحى أحدهم من تقريب القليل من الطعام، ويأبى أعظم منه» وقال: «جهد المرء أكثر من عفوه (٧)» وقدّم رسول الله صلى الله عليه وسلم جهد المقلّ على عفو المكثر، وإن كان مبلغ جهده قليلا، ومبلغ عفو المكثر كثيرا، وقالوا: «لا يمنعك من معروف صغره» وقال النبى صلى الله عليه وسلم:


(١) السلاهب مفعول ثان لو هبت جمع سلهب كجعفر، وهو من الخيل ما عظم وطال عظامه. وحيرة الحالب فى الإبل: كناية عن كثرتها أو غزارة لبنها.
(٢) أى وهذه متاع أيام قليلة.
(٣) العارة: العارية، وهى الشىء يستعار ثم يرد إلى صاحبه.
(٤) فى النسخ «وقال فى الحث» وفيها «فضلا على الكثير».
(٥) المثقال هنا: المقدار والزنة.
(٦) أى من حقر القليل الذى لديه فلم يبذله حرم كثيرا من ذوى الحاجة، وقال الميدانى فى تفسيره «أى من حقر يسيرا ما يقدر عليه ولم يقدر على الكثير. ضاعت لديه الحقوق».
(٧) أى ما يبذله المرء عن جهد وقلة أكثر ثوابا مما يبذله عن زيادة وسعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>