للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس مالك المال المعفى من الأضراس فيقال فيه: مرعى ولا أكولة (١)، وعشب ولا بعير، فقصاراك مع الإصلاح أن يقوم ببطنك وبحوائجك وبما ينوبك، ولا بقاء للمال على قلة الرّعى وكثرة الحلب، فكس (٢) فى أمرك، وتقدّم فى حفظ مالك، فإن من حفظ ماله فقد حفظ الأكرمين، والأكرمان: الدّين، والعرض، وقد قيل: «للرمى يراش السهم (٣)» و «عند النّطاح تغلب القرناء (٤)».

وإذا رأت العرب مستأكلا وافق غمرا (٥) قالت: «ليس عليك نسجه فاسحب وخرّق (٦)» وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الناس كلّهم سواء كأسنان المشط» والمرء كثير بأخيه، ولا خير لك فى صحبة من لا يرى لك مثل ما يرى لنفسه، فتعرّف شأن أصحابك ومعنىّ (٧) جلسائك، فإن كانوا فى هذه الصفة فاستعمل الحزم، وإن كانوا فى خلاف ذلك عملت على حسب ذلك.

إنى لست آمرك إلا بما أمرك به القرآن، ولست أوصيك إلا بما أوصاك به الرسول، ولا أعظك إلا بما وعظ به الصالحون بعضهم بعضا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اعقلها وتوكّل» وقال مطرّف بن الشّخّير: «من نام تحت صدف (٨) مائل وهو ينوى التوكل، فليرم بنفسه من طمار (٩) وهو ينوى التوكّل» فأين


(١) الأكولة: الشاة التى تعزل للأكل وتسمن، مثل يضرب للمتمول لا آكل لماله.
(٢) أمر من الكيس بالفتح، وهو العقل والفطنة.
(٣) راش السهم يريشه: ألزق عليه الريش، ورواه الميدانى فى مجمع الأمثال «قبل الرمى يراش السهم» مثل يضرب فى تهيئة الآلة قبل الحاجة إليها، وهو مثل قولهم «قبل الرماء تملأ الكنائن» أى تؤخذ الأهبة للأمر قبل وقوعه.
(٤) أى ذات القرن، ومن أمثالهم «عند النطاح يغلب السكبش الأجم» ويغلب بالبناء للمجهول، والتيس الأجم: الذى لا قرن له، يضرب لمن غلبه صاحبه بما أعده له.
(٥) الغمر بالفتح والضم وكسبب وكتف. من لم يجرب الأمور:
(٦) رواه الميدانى «ليس عليك نسجه فاسحب وجر» أى أنك لم تنصب فيه فلذلك تفسده.
(٧) معنى: مقصد.
(٨) الصدف: كل شىء مرتفع من حائط ونحوه.
(٩) طمار: اسم للمكان العالى، قال الشاعر:
«وآخر يهوى من طمار قتيل»
. ينشد من طمار بفتح الراء ومن طمار بكسرها منونا وغير منون، وقيل هو اسم جبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>