للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاجعله ضخما، فإن لم يبعه الخبر (١) باعه المنظر»؟ ، ولم قال عمر: «فرّقوا بين المنايا، واجعلوا الرأس رأسين (٢)»؟ ولم قال عثمان حين سئل عن كثرة أرباحه:

«لم أروّ من ربح قطّ»؟ ولم قيل: «لا تشتر عيبا ولا شيبا (٣)»، وهل حجر على بن أبى طالب على ابن أخيه عبد الله بن جعفر إلا فى إخراج المال فى غير حقه، وإعطائه فى هواه؟ وهل كان ذلك إلا فى طلب الذكر، والتماس الشكر؟ وهل قال أحد إن إنفاقه (٤) كان فى الخمور والقمار، وفى الفسولة (٥) والفجور؟ وهل كان إلا فيما تسمونه جودا، وتعدّونه كرما؟ ومن رأى أن يحجر على الكرام لكرمهم رأى أن يحجر على الحلماء لحلمهم (٦)! وأىّ إمام بعد أبى بكر تريدون؟ وبأىّ سلف بعد علىّ تقتدون؟ .

وكيف نرجو الوفاء والقيام بالحق والصبر على النائبة من عند لعموظ (٧) مستأكل وملّاق مخادع، ومنهوم بالطعام شره لا يبالى بأى شىء أخذ الدرهم، ومن أىّ وجه أصاب الدينار؟ ولا يكترث للمنّة، ولا يبالى أن يكون أبدا منهوما منعوما عليه، وليس يبالى إذا أكل كيف كان ذلك الطعام؟ وكيف كان سببه؟ ، وما حكمه.

فإن كان مالك قليلا فإنما هو قوام عيالك، وإن كان كثيرا فاجعل الفاضل لعدّة نوائبك، ولا يأمن الأيام إلا المضلّل، ولا يغترّ بالسلامة إلا المغفّل، فاحذر


(١) الخبر: العلم والمعرفة.
(٢) انظر ص ٣٩١ من الجزء الثالث.
(٣) الشيب معروف، والمراد هنا لازمه. وهو الضعف، وكبر السن، أى لا تشتر ذا عيب ولا ذا ضعف.
(٤) الضمير فيه يعود إلى عبد الله بن جعفر.
(٥) الفسولة: الدناءة.
(٦) أى لو كان حجر على رضى الله عنه على عبد الله بن جعفر لكرمه لساغ الحجر على الحليم، وساغ الحجر على كل ذى فضيلة، يريد أن يقول: إن إنفاق ابن جعفر لم يكن كرما.
(٧) الحريص الشهوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>