للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال لسعد بن أبى وقاص: «ارم، فداك أبى وأمّى» لكرهت أن يكتب بها أحد.

على أن كتاب العسكر وعوامّهم قد أولعوا بهذه اللفظة، حتى استعملوها فى جميع محاوراتهم، وجعلوها هجّيراهم (١) فى مخاطبة الشريف والوضيع، والكبير والصغير ولذلك قال محمود الورّاق:

كلّ من حلّ «سرّ من را» من النا ... س، وممن يصاحب الأملاكا

لو رأى الكلب مائلا فى طريق ... قال للكلب: يا جعلت فداكا

وكذلك لم يجيزوا أن يكتبوا بمثل «أبقاك الله وأمتع بك» إلا إلى الحرمة والأهل والتابع المنقطع إليك، وأمّا فى كتب الإخوان فغير جائز، بل مذموم مرغوب عنه؛ ولذلك كتب عبد الله بن طاهر إلى محمد بن عبد الملك الزيات:

أحلت عمّا عهدت من أدبك ... أم نلت ملكا فتهت فى كتبك؟ (٢)

أم هل ترى أنّ فى التواضع لل ... إخوان نقصا علبك فى حسبك؟

أتعبت كفّيك فى مكاتبتى ... حسبك مما يزيد فى تعبك

إنّ جفاء كتاب ذى أدب ... يكتب فى صدره: «وأمتع بك» (٣)

فكتب إليه محمد بن عبد الملك:

أنكرت شيئا فلست فاعله ... فلن تراه يخطّ فى كتبك

فاعف- فدتك النفوس- عن رجل ... يعيش حتى الممات فى أدبك

كيف أخون الإخاء يا أملى ... وكلّ شىء أنال من سببك

إن يك جهلا أتاك من قبلى ... فعد بفضل علىّ من حسمك


(١) يقال: هذا هجيراه: أى دأبه وشأنه.
(٢) حال يحول: تحول وتغير، والتيه بالكسر: الكبر والصلف.
(٣) وفى رواية العقد الفريد:
أكان حقا كتاب ذى مقة ... يكون فى صدره: «وأمتع بك»؟

<<  <  ج: ص:  >  >>