للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ» احتاج أن يبين معناه: بل مكركم بالليل والنهار، ومثل هذا فى القرآن كثير لا يتّسع الكتاب لذكره.

وكذلك لا يجوز أيضا فى الرسائل والبلاغات المشهورة ما يجوز فى الأشعار الموزونة، لأن الشاعر مضطر، والشعر مقصور (١) مقيّد بالوزن والقوافى؛ فلذلك أجازوا لهم صرف ما لا ينصرف من الأسماء، وحذف ما لا يحذف منها، واغتفروا فيه الإغراب وسوء النظم، وأجازوا فيه التقديم والتأخير، والإضمار فى موضع الإظهار وذلك كله غير مساغ (٢) فى الرسائل، ولا جائز فى البلاغات، فمما فى الشعر من الحذف:

قول الشاعر:

«قواطنا مكّة من ورق الحمى (٣)»

يعنى الحمام

وقول الآخر:

«صفر الوشاحين صموت الخلخل (٤)»

يريد الخلخال

وكقول الآخر:

«دار لسلمى إذه من هواكا (٥)»

يريد إذ هى


(١) أى مقيد، من القصر وهو الحبس.
(٢) من أساغ فلان الشراب: إذا ابتلعه بسهولة، وفى العقد «منساغ» أى جائز، بناه من انساغ وجعله مطاوعا لساغ، يقال: ساغ له ذلك، أى جاز فهو سائغ أى جائز، ولا داعى إلى استعمال المطاوع هنا مادام الفعل يؤدى المعنى.
(٣) قاله العجاج، ويروى فى شواهد كتب النحو (باب إعمال اسم الفاعل) «أو الفا»، وورق:
جمع ورقاء، وهى الحمامة التى يضرب بياضها إلى سواد، والحمى: أصله الحمام حذفت الميم الأخيرة وقلبت الألف ياء، وقلبت الفتحة كسرة للروى.
(٤) الوشاح: أديم عريض يرصع بالجوهر، تشده المرأة بين عانقها وكشحيها، والصفر: الخالى، وصفر الوشاحين: أى ضامرة الخصرين، وقال صاحب اللسان: «والخلخل كجعفر وبرقع من الحلى:
معروف، قال الشاعر: «براقة الجيد صموت الخلخل» ثم قال: «والخلخال كالخلخل، والخلخل لغة فى الخلخال أو مقصور منه، واحده خلاخيل النساء».
(٥) جاء فى شرح التصريح (١: ١٠٣): «وفى هو وهى الجميع ضمير، وهو مذهب البصريين وذهب الكوفيون إلى أن الضمير هو الهاء فقط، والواو والياء إشباع» وفى حاشية الصبان (١: ٨٩): -

<<  <  ج: ص:  >  >>