للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكثفه لحما، وأصلبه قشرا، وأعدله استواء، وتجنّب الأقلام الفارسية ما استطعت، فإنها ما تصلح إلا للكواغد والرّقوق (١).

واجعل لقلمك برية حادّة، فإنّ تعثّر يد الكاتب وقت قطع القرطاس، ناقص مروءته، ومخلّ بظرفه، وإن قدرت ألا تقطع القرطاس إذا فرغت من كتابك إلا بخرطوم قلمك، فافعل، فإن ذلك أكمل لمروءتك، وأبدع لظرفك، وقطعك.

واستعمل لبرى القلم سكّينا طواويسيّا (٢)، مذلق الحّد، وميض الطرف، فيكون ذلك عونا لك على برى أقلامك، فإن محل القلم من الكاتب محلّ الرّمح من الفارس، ولئن قيل كأنه الرمح الرّدينى (٣)، لقد قال الكاتب كأنه القلم البحريّ، وتفقّد الأنبوبة قبل بريكها لئلا تجعلها منكوسة، وابرها من ناحية نبات القصبة، وارهف (٤) - ما قدرت- جانبى قلمك، ليردّ ما انتشر من المداد، ولا تطل شقّه. فإن القلم لا يمجّ المداد من شقّه إلا مقدار ما احتملت شعبتاه (٥).

فرفّع شعبتيه ليجمعا لك حواشى تصويره.


(١) الرقوق: جمع رق بالفتح ويكسر: وهو جلد رقيق يكتب فيه.
(٢) نسبة إلى طواويس، وهى اسم ناحية من أعمال بخارى بينها وبين سمرقند، وذلق السكين وذلقه وأذلقه: حدده.
(٣) الردينى: نسبة إلى ردينة، وهى امرأة سمهر، وكانا يقومان الرماح بخط هجر.
(٤) رهفه كمنع وأرهفه: رققه.
(٥) فى الأصل «شبتاه، فارفع شيتيه ليجمعا لك حواشى تحضيره» وهو تحريف، جاء فى أدب الكتاب ص ٨٦: «من كلام مسلم بن الوليد، فى صفة برى القلم قوله: «حرف قطة قلمك قليلا ليتعلق المداد به، وأرهف جانبيه ليرد ما استودعته إلى مقصده، وشق فى رأسه شقا- غير عاد- ليحتبس الاستمداد عليه، ورفع من شعبتيه ليجمعا حواشى تصويره .... » وأورد صاحب صبح الأعشى قول مسلم فى ذلك (٣: ٦) وفيه: «ما خلا قلما جوف باريه بطنه ليعلق المداد به، وأرهف جانبيه ليرد ما انتشر منه إليه، وشق رأسه ليحتبس الاستمداد عليه، وأربع من شفتيه ليجمعا حواشى تصويره إليه ... » والصواب: ورفع من شعبتيه كما قدمنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>