للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قطّ القلم فعلى قدر القلم الذى يتعاطاه الكاتب من الخطّ، غير أن المسلسل (١) لا يكاد يتسلسل إلا بالقلم المربّع القطّ، كما أن كتب الملوك والسّجلّات لا تحسن إلا بالقلم المحرّف الكوفى، وأمّا قلم اللّازورد فهو المعتمد عليه والمقصود إليه فى النوائب والمهمّات.

ورأيت كثيرا من الكتاب يختارون قلم النّرجس لتجعّده وتجانسه، ومن اللازورد أبسط منه وأقوم حروفا، وأما الموشّع والمولّع والمدبّج والمنمنم والمسهّم، فعلى قدر رشاقة خط الكاتب وحلاوة قلمه، وأما حسن الخط فلست أجد له حدّا أقف عليه أكثر من قول علىّ النّصر اباذىّ (٢) الكاتب، فإنى سألته واستوصفته الخطّ، فقال: أعلّمك الخط فى كلمة واحدة، فقلت له: تفضل بذلك، فقال: لا تكتبنّ حرفا حتى تستفرغ مجهودك فى كتابة الحرف المبدوء به، وتجعل فى نفسك أنك لا تكتب غيره، حتى لا تعجل (٣) عنه إلى غيره، وإياك والنقط والشكل فى كتابك، إلا أن تمر بالحرف المعضل الذى تعلم أن المكتوب إليه يعجز عن استخراجه، فإنى سمعت سعيد بن حميد الكاتب يقول: «لأن يشكل علىّ الحرف، أحب إلىّ من أن يعاب بالنقط والإعجام» وقال المأمون لكتّابه: إياكم والشّونيز (٤) فى كتبكم، يعنى النقط؛ ولذلك قال ابن هانئ:

لم ترض بالإعجام حين كتبته ... حتى كتبت السّبّ بالإعراب

ولا تغفل الصلاة على النبى عليه الصلاة والسلام، فقد قال أبو العيناء: «إن


(١) فصل القلقشندى فى صبح الأعشى الكلام على أنواع الأقلام فى الفصل الثانى من الباب الثانى فى الخط- اقرأ هذا الفصل فى ج ٣: ص ٥ - ١٥٢ من باب الخط (ج ٢: ص ٤٤٠ - ج ٣: ص ٢٢٦)
(٢) نسبة إلى نصر اباذ: محلة بنيسابور، ومعناها بالفارسية عمارة نصر، تنسب إلى نصر بن عبد العزيز الخزاعى، وكان قد ولى الرى فى أيام السفاح، ولم يزل عليها إلى أن قتل أبو مسلم الخراسانى، وفى رسائل البلغاء: «على بن زيز النصرانى» وهو تحريف.
(٣) فى العقد «حتى تعجز عنه».
(٤) الشونيز: الحبة السوداء، فارسية، والكلام على التشبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>